كتبت في 28 يوليو 2013
* نقع اليوم فريسة لجهلين،
على ما يبدو هذا سيكون قدر هذه البلاد لفترة ستطول!
- جهل (وهم الجهاد في سبيل الدين)
،
- و جهل (وهم إفناء النفس من
أجل الوطن) !!
* الفكرة بسيطة و لكنها
ملتبسة لأن الجميع تقريباً يعاملها بمشاعره لا بعقله ، فالأصل - ديناً ،، و منطقاً ،، و فطرةً - أن الغاية الأساسية في الدنيا هي :
- حفظ الحياة الفردية (وجوداً و جودةً) ،،
- و حفظ الحياة العامة (إعمار الأرض و إقامة العدل) .
* فإذا أتينا لفكرة (الجهاد في سبيل الدين) لوجدنا فيها
خلطاً رهيباً :
- فالأصل أن الدين نزل ليحسن حياة البشر ، لا أن
البشر خُلقوا لكي يحرسوا وجود الدين !
الدين مهمته هي نفس الغاية الأساسية البديهية في
الدنيا :
حفظ الحياة الفردية (وجوداً و جودةً) و حفظ الحياة العامة
(إعمار الأرض و إقامة العدل) ،
و يزيد له مهمة أخرى هي أيضاً حفظ لجودة الحياة في
الآخرة بالتنعم في الجنة إن إتبعت هذا الدين.
- لكن اليوم - من كثرة إبتذال معاني الجهاد و نصرة
الشريعة على ألسنة سفهاء بلا عقول أو بلا ضمائر - حسب البسطاء أن "حماية الدين" واجب دونه
الرقاب !!
لم أفهم حقيقة من إستأمنهم هذه الأمانة الوهمية !!
فليس للدين "شخصية إعتبارية" لكي يحتكر أحد الدفاع عنه ، و ليس له "ممتلكات مادية" حتى نحميها بأجسادنا !!
ليس للإسلام عناصر تستدعي الحماية سوى القرآن الذي فيه تبيان
رسالته ، و الكعبة التي حولها نطوف ،
و القرآن وعدنا منزله بحفظه ، و حرمة الدم أعظم عند الله من
مبنى الكعبة !!
- ما أعرفه أن الدين ضرورة لحياة "أجود" و مجتمع "أعدل" ،
و ما أعرفه أن من يطلب الشهادة يجب أن يطلب الموت
في سبيل "الله" و ليس في سبيل "الدين" !!
و ما أعرفه من طرق الموت في سبيل الله فيما يتعلق
مباشرة بالدين هما طريقتان :
أن تموت في سبيل
حريتك الشخصية في ممارسة دينك في نفسك و ما تملك إن
حاول أحد سلب تلك الحرية منك ،،
أو في سبيل
إيصال دعوة هذا الدين للآخرين حباً في أن يهديهم
الله لخير الدنيا و الآخرة فتموت و أنت تؤدي تلك الأمانة .
- أما أن تموت و أنت تحاول "إجبار" آخرين على إعتناق
هذا الدين أو الإلتزام به رغم أن منزل الدين جل قدره قال {فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر} و قال {لا إكراه في الدين
قد تبين الرشد من الغي}
فإعلم أنك في ضلال و حماقة ، و ميتتك في باطل ، و
حسابك عند ربك هو يرانا بعين حكمته و هو يحاسب على النوايا !!
* نفس الجهل يقع فيه الشوفينيون من عباد الأوطان ، و
الديماجوجيون المستغلون لهذه الحماقة !!
- فالأصل أن الوطن "مأوى" لحياة آمنة ، و "موارد" لتلبية متطلبات تلك
الحياة ،
و ليس الأصل أن وجود المواطن في الدنيا هدفه
الأكبر هو "الدفاع عن وطنه" !!
- الوطن - هو الآخر
- وسيلة لتحقيق الغاية الدنيوية الأساسية البديهية - التي هي كذلك وظيفة الدين - :
حفظ الحياة الفردية (وجوداً و جودةً) و حفظ الحياة العامة
(إعمار الأرض و إقامة العدل) ،،
- فإذا هدد الوطن عدو دافعنا عن الوطن بأرواحنا ،،
ليس من أجل التراب و الماء ،،
لكن من أجل "حفظ حيواتنا و حياة مجتمعنا كريمتين" فوق تلك البقعة من الأرض .
- و إذا حل بذلك الوطن "كارثة طبيعية" حاولنا علاجها ما إستطعنا من باب إعمار الأرض لإقامة سبل الحياة
،،
و إذا قام في الوطن فساد و طغيان قاومناه من باب
إحقاق الحقوق و دفع الظلم و صناعة بيئة جيدة حتى نبني مجتمع جيد ،،
فإذا إستحال إصلاح البيئة الطبيعية أو الأخلاقية و
كان الضرر من الوجود في الوطن محققاً و بلا نفع ينتظر فأرض الله واسعة فلتهاجروا
فيها !!
- لكن للأسف اليوم كثيرون - من فرط الطيبة و الجهل - يعتقد كثيرون أن البقاء في الوطن حتى الهلاك مرضاً أو ظلماً هو
واجب مقدس و فضيلة الفرسان !!
و لا أعلم لذلك سبباً منطقياً يحترم !!
كل ما أعرف أن أصل الفكرة ولد من رحم "قبلية بدائية" في الشعوب الأولى ،،
و "أفكار معلبة" صنعها مفكروا حقب الحداثة بعد ترسيم الحدود الدولية لتبرير الوحدة
بين المختلفين ،،
و مخاطر حقيقة طور عليها "حكام عسكريون" شعارات خاوية مفرطة في المغالاة ليبرروا وجودهم في الحكم بدعوى أن
الوطن في خطر !!
* الدين و الوطن "وسيلتين" لحفظ حياة الناس
و أمن و رخاء المجتمع ،
و ليستا "غايتين" نضحي بأرواحنا من أجل وجودهما المجرد من مصالحنا ،،
- فإن فشل الدين المنزل في تلكما المهمتين فيجب مراجعة أصوله لنزيل عنه ما دُس
فيه من خَبَث فأفسده ،،
- و إن فشل الوطن فيجب علينا التفكير في كيفية إصلاحه ما إستطعنا ،
فإذا إستحال ذلك تركناه إلى أرض أخرى ،
و لنسمها من جديد :
"الوطن" !!
_________________________________
يسألك و هو يضيق جفنيه ليتقمص تذاكي المراهقين ذلك السؤال
الإستدراجي مع إبتسامة متحذلقة و تحفز جسدي يحاول إجبارك على الإسراع بالإجابة :
- ربنا عرفوه بالعقل
،، و لا عرفوه بالرسل ؟
- طيب إنت ولاءك
للدين ،، و لا للوطن ؟
- يعني خلاص نسيب
الثورة ،، و نلعب سياسة ؟
- هوا 30 يونيو
ثورة ،، و لا إنقلاب ؟
- إنت شايف (فلان
السياسي) حلو ،، و لا وحش ؟
* و السبب في هذا
المنظور هو أن الفكر الطفولي البسيط الذي يتبناه أصحاب تلك المعارك لا يمكنه إدراك
فكرة (التكامل) بين الأمور المتقابلة في التوجه أو حتى المختلفة الأهداف ،
- و لا يدركون فكرة
(النسبية) في كل دوافع و خصال البشر و أن كلنا يحوي في نفسه الخير و
الشر معاً لكن بنسب مختلفة !
- و الحياة كلها
عندهم (أن من هو ليس مثلي فهو خصمي) ،
و (الأمور المتخالفة يجب قطعياً أن يكون أحدها هو الفضيلة و الآخر - بديهياً
- هو أرذل الرذائل) !
* و لي إن شاء الله مقال مطول
قريباً حول تحليل هذا النوع من الفكر :
(الفكر المسطح المستقطب) الذي أضيفت له حديثاً صفة (التطاول) على
من هم أطول منه قامة فكرية !
_________________________________
* سلسلة مقالات عن الإنتماء للوطن بين الوهم و
الأفورة و التفريط و الخلط
أنا ممتن و شاكر لمصر وطناً وعاصمة وشعباً وحكومات بنفس
قدر إعترافي بفضل كل مصائب الحياة !
(أنا مصري) ، أو (أنا سعودي) ، أو (أنا سوري) !!
يعنى إيه مصري ؟ إلى ماذا يجب أن ننتمي و لماذا ؟
وهم الوطن و طفولية الفخر بالأجداد
Post by Ahmad Syiam.
Post by Ahmad Syiam.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق