إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

موضوعات الكتابة على هذه المدونة

30 يونيو (17) أخطاء لغوية (2) أخلاقيات (24) إخوان (24) البرادعي (1) التجديد و المذهب الصيامي (12) السيسي (4) الشرق الأوسط (3) الطب في بلاد الجهالة (2) المذهب الصيامي (20) المفضلة (13) الهيمنة الأمريكية (5) تجديد إسلامي (6) تجديد صيامي (20) تحليل سياسي (67) تدوين و توثيق (16) تربية (5) تصحيح إجتماعي (49) ثقافة إشتباك (45) ثقافة ثورية (45) ثقافة ثورية رد أكاذيب السياسة (2) ثقافة حوار (7) ثورة فكرية (32) جماعات إسلامجية (25) حراك 25 يناير (9) خطايا مبارك (14) خواطر (10) دفع فساد زمن الفتن (42) رابعة (1) رد أكاذيب السياسة (44) رد أكاذيب بإسم الدين (25) رد فتن التاريخ (8) سفاهات العرب (6) سفاهة الديموقراطية (14) سوريا (5) شرح الديكتاتورية (6) ضلالات الخلافة (2) ضلالة وجوب الإحترام اللفظي الزائد (1) طرق تفكير (2) عن الإخوان خطايا و طبيعة (18) عن كرهي للقراءة الطائشة (2) فكر جديد (24) فلسفة (14) فلسفة طبية (1) فهارس المدونة (9) قانون و دستور (2) قصص قصيرة (3) لقاءاتي المتلفزة (4) مصائب العولمة (4) معلومات طبية (1) مقتطفات (4) نظم حكم (5) نقد السلفية (1) نقد العلمانية (1) وجوب الديكتاتورية (2) My articles in english (6)

الأحد، 2 ديسمبر 2012

الدساتير عقد مبرم محكم ،، و ليست مكاناً لا لإظهار حسن الظن ، و لا لليونة حتى لا تتعطل المراكب السائرة

















أصدقائي و أحبائي و أعدائي :

* الدستور لا يقاس بالكم ، لكن بالتأكد من جودة "كــــل" عناصره و إلا فيترك كله ،،

- الدستور مثل كل عقد ، مثل عقود الشراكة أو عقود تقديم الخدمات ،،
يجب أن تراجعه أنت و يراجعه محاميك ،، ثم لا توقعه إلا بعد ان تتاكد أنه ليس هناك و لو "بـنـد واحــد" يظلمك أو يكبلك و يخالف مصالحك بدون وجه حق !!
بند واحد يكفيك لعدم التوقيع طالما رأيت أنه يستحيل لك قبوله لتناقضه مع مصالحك بشكل لا يمكن التعايش معه !

- قد تذهب لتشتري "كيلو عنب" و ترضى أن يدس لك البائع بعض الحبات العطنة ،
و قد ترضى أيضاً أن يظلمك أو يزيدك نفحة في الميزان بمقدار ضئيل ،،
لكن تخيل أنك رأيت نفس البائع يمسك و لو بعنبة واحدة و يحقنها بمادة ما ثم يضعها في كيسك !! هل سترضى ؟! هل ستفترض فيه حسن النية بأن تفكر أنه يحقنها بفيتامين (هـ) للحفاظ على بشرتك ؟! 
أم أنك ستمسك بتلابيبه و تفضحه ، بل و ربما تقتاده لتحرير محضر ، أو تكتفي بتلقينه درساً يدوياً بقبضتك في أنحاء متفرقة  ؟!

- الدستور لا يمكنك قراءته بتلك العين السريعة و المنطق المتساهل الذي تقرأ به مقال لكاتب ، أو خطاب من صديق ، أو حتى بيان من حكومة ،،
الدستور عقد بين الأمة أفراداً و سُلطات ،، لا أبالغ إن قلت أن كلمة فيه أو حتى علامة ترقيم قد تمس مصالح فرد أو مؤسسة أو حتى وطن بأكمله عندما تصدر محكمة حكماً أو يصدر البرلمان تشريعاً بناءاً عليها !!

- لقد تعب هذا الشعب من طول فترة الثورة ، و دفع شبابه الثمن من أرواحهم و أجسادهم و وقتهم الغالي الذي قدموه للوطن بدلاً من أن يقدموه لدراستهم أو وظائفهم الناشئة التي تحتاج تكريس كل وقت و جهد ممكنين ،،
و ككل الدساتير كان يفترض بهذا الدستور أن يكون فارساً ينتزع من الدولة حقوق و آمال المواطنين ،، و ككل دستور بعد ثورة كان يجب أن يكون هذا الدستور حارساً لمطالب و طموحات الثورة لا أن يعيد تقييمها و ترتيب أولوياتها الواضحة حسب رؤية مائة فرد ثلاثة أربعاهم إما لم يشاركوا في الثورة أو كانوا لاعنون لها !!

لذا لا يمكن تصور أن يترك في الدستور ألغام مدسوسة أو حتى ثغرات مهملة ينفذ منها ما يضر بمصالح الثورة أو مبادئها ،، لا يمكن تخيل أن يستمر الشباب في الكفاح لمدة الدورة البرلمانية القادمة فيعيشون في تنمر دائم للسلطة التشريعية ، و يتظاهرون كلما أخلت بأمنياتهم ، و يعتصمون كلما حادت عن طريق الثورة !!
كان هذا هو واجب الدستور ، كان يجب أن يحرس مطالبهم و يلبي أمنياتهم و إلا فما جدوى وجوده ؟! ألم يسوقوا لنا أن الدستور يعني الإستقرار ؟!
نحن نعيش بنفس الأسلوب منذ عامين لأننا نعيش بلا دستور ، نراقب الحكومات بأنفسنا ، ثم نستميت في إيجاد الوسائل للتواصل معها ، ثم نحاول علاج الصمم في آذانها بالتوعية و الحشد الشعبي ، ثم ندفع ثمن التغيير بنومنا في الشارع أو بسيلان دمنا على أرضه !!
فهل يعقل أن يستمر نفس شكل الحياة النضالي هذا لأربع سنوات جديدة بعد حروب و معارك الدستور و لجنته التأسيسية التي دفع فيها الوطن و الثوار دم ، و جهد ، و وقت ، و فقر ، و قهر من تصرفات فصائل سياسية مغيبة عن الواقع تقودها أجيال لا يستوعبون معنى و لا مطالب ثورة جيل الشباب ؟!


* فيما يلي نقدي لبعض ما وجدته من زلات هذا الدستور ،،
و  سوف لن أمس الباب الثالث (السلطات العامة) الملىء بالجدل ، لن أفتش عن "حبات العنب المحقونة" ،، لكني سأخرج "الحبات العطنة" حتى من بين ما وضعته التأسيسية على "وش القفص" في الأبواب المتعلقة بالحقوق والحريات ،،
و سأورد نقدي لتلك المواد في نقاط تفصيلية و أخرى إجمالية ، و سأرتبها حسب ترتيب الأهمية و ليس حسب ترتيب المواد :

********************************************

* النقاط التفصيلية :

1-  سأذكر جزء (متكامل) من مادة تكبل حريتك بشكل لا أعتقد أنه يمكن أن يوجد في دستور دولة بدائية :

### المادة (63) : (العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن، تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص. ولا يجوز فرض أى عمل جبراً إلا بمقتضى قانون) ###


- لماذا يتاح للحاكم أو للبرلمان فرض عمل على شخص ؟؟!! هل تعون خطورة هذه المادة ؟؟!! 
هي موضوعة - على ما أعتقد - من أجل إضفاء الشرعية على نظام التجنيد الغير عادل الذي يكبل شباب مصر و يظلمهم ، و على قانون العقوبة بالأشغال الشاقة ،،
لكنها أيضاً يمكن أن تضيف مصائب جديدة ،، قد يكلف المشرع (البرلمان مستقبلاً و الرئيس حالياً) أي شخص بأي عمل و بأي أجر أو بدونه !!!
أي عمل سواءاً توافق عليه أو ترفضه !! أي عمل سواءاً أنت مؤهل له أو لا !!
أي عمل مهما كان يتناقض مع مبادئك أو حتى قدرات صحتك !!
أي عمل سواءاً لست أهلاً له و يستحق غيرك القيام به لعلم أو قدرات لا تملكها أنت و يملكها هو !!
أتتخيلون حجم المصيبة ؟؟!! لماذا تطلق يد المشرع بهذه الصورة ، خصوصاً في وطن بعد ثورة مازالت لم تتشكل لديه بعد شكل الدولة التي يتطلع إليها ، و في برلمان تملأه قوى سياسية ناشئة و أخرى ذات أفكار عجيبة ؟!

- لقد كان حلمي الشخصي قبل الثورة أن أنشىء جمعية و أسميها (جمعية رعاية الحقوق الدستورية) و أن أقاضي دولة مبارك على كل قانون مجحف و كل مادة دستورية متضاربة ، و أن أبدأ بالدفع بعدم دستورية قانون التجنيد إعتماداً على المادة (13) من الدستور حينها ،، فإذا بي بعد ثورة سحلت فيها و سحل جيلي يتم "دسترة" ذلك الإجحاف في قانون التجنيد  !!!!

تباً للإحباط !!!!

_______________________________________

2- حرية الصحافة : مطاطية حق الدولة و قيم المجتمع في تقنين هذه الحرية :

- ### المادة (48) : ( حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة. وتؤدى رسالتها بحرية و إستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن إتجاهات الرأى العام والإسهام فى تكوينه وتوجيهه فى إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة، ..... إلخ المادة) ###

- ### المادة (215) : ( يتولى المجلس الوطنى للإعلام تنظيم شئون البث المسموع والمرئى وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها. ويكون المجلس مسئولاً عن ضمان حرية الإعلام بمختلف صوره وأشكاله والمحافظة على تعدديته، وعدم تركزه أو إحتكاره، وعن حماية مصالح الجمهور، ووضع الضوابط والمعايير الكفيلة بالتزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها، والحفاظ على اللغة العربية، ومراعاة قيم المجتمع وتقاليده البناءة ) ###

* يضع حريات شبه مطلقة ثم يحددها بحدود فضفاضة جداً مليئة بقيم أخلاقية الغير معرًّفة ، و يدع الرقابة على تلك الحريات و تعريف تلك القيم في يد المجلس الوطني للإعلام أو في يد المشرع !!!

- ماذا يمكنك أن تفهم من أن الصحافة و النشر تؤدي رسالتها في "تكوين و توجيه الرأي العام في إطار المبادىء الأساسية للدولة و المجتمع" ؟!
مثلاً : نحن في دولة رأسمالية ديموقراطية تدين بمذهب أهل السنة و الجماعة - حسب المادة 219 - ، فهل لو نشرت مقالاً أو كتاباً يدعو للإشتراكية ، أو الحاكمية الشرعية الإسلامية ، أو مذهب غير مذهب أهل السنة و الجماعة - الغير معرف من الأساس بشكل علمي منضبط - سيتم مصادرة منتجي الفكري و معاقبتي ؟!

- ثم في المادة 215 : كيف سيلتزم المجلس الوطني للإعلام بحماية اللغة العربية ؟ هل سيصادر الكتب و الدواوين المنشورة بالإنجليزية أو اللغات العامية ؟!
و ما هي قيم و تقاليد المجتمع البناءة ؟ هل لو نشرت كتاباً ساخراً حول رئيس الدولة سيعد هذا ضد "قيم مجتمعنا الفرعوني" الذي يقدس الحاكم ؟! و هل لو نشرت مقالاً أدعو فيه لحل جماعة الإخوان المسلمين ، أو هدم جراج رمسيس المخالف للمواصفات يصبح هذا ضد "تقاليد المجتمع البناءة" لأنني أدعو إلى تفكيك و هدم ؟!

- ما كل هذا الجبن في إطلاق سقف الحريات و تحديده بجمل سفيهة قبل أن تكون فضفاضة تترك التدخل في الحريات متروك لكل حاكم و مشرع و مجلس إعلام وطني ؟!! 
هل هذا فكر دستوري يليق بعد ثورة كانت الحرية أوسط مطالبها ؟! هل هذه مواد تليق في القرن الواحد و العشرين بكل إمكانيات النشر المهولة على الإنترنت ؟!

_______________________________________

3- إنعدام الوعي الفقهي و الديبلوماسي في المادة (43) :

- لا أخشى في الحق لومة لائم و الحمد لله ،، و لن يمنعني كم السخرية الساذجة التي ألقيت على البرادعي من نقد هذه المادة على أن أنقضها من جديد و أزيدكم من الشعر بيتاً فيها :

### المادة (43) : ( حرية الاعتقاد مصونة. وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للأديان السماوية؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون ) ###

- هذه المادة - بواو العطف بين لفظتي "الدينية" و "إقامة" بدون علامات ترقيم فاصلة - تعني أن الدولة لا تحرس حتى حرية ممارسة الشعائر لغير الكتابيين ، و بالتأكيد كذلك لا تمكنهم من حرية إقامة دور عبادة لهم ،،
لو لم تحرس دولتك حق الآسيويين المقيمين فيها في ممارسة دياناتهم  ، فمعنى ذلك أن تستبيح الشرطة و الأفراد في المجتمع مضايقتهم في ذلك أو حتى منعهم منه و ترويعهم بالتهديد لترك ممارسة تلك الشعائر حتى و لو داخل بيوتهم !!

- تخيل أنني صاحب عقار و طردت ساكناً هندوسياً لأنه يمارس شعائره داخل بيته مع أصدقاءه رغم أنهم لا يؤذونني بضوضاء أو رائحة ، هل من حق هذا الساكن أن يلجأ للقضاء ؟! بماذا سيتهمني ؟! بالإضطهاد الديني أم بطرده بالمخالفة لقانون المالك و المستأجر؟
لو قاضاني بالأولى فسوف لن يحصل على حكم لصالحه فدولتنا "لا تكفل" له حرية ممارسة الشعائر الدينية ، و لو إشتكاني بالثانية فليس هناك ما يمنع القاضي من الحكم لصالحي بطرد الرجل لأنه مارس عملاً غير دستوري في جمهورية مصر العربية و بالتالي يحق لي طرده للتضرر من قيامه بعمل غير قانوني في العقار !!

- هل تعتقدون أن هذا جزء من شريعة الإسلام أو يتماشى مع القوانين الدولية ؟

لمن لا يعرف شريعة الإسلام أقول :

إن أحكام الوثنيين في الشريعة هي نفسها أحكام الكتابيين (فكلهم أهل ذمة) عدا في أمرين يزيدان لأصحاب الرسالات السماوية: أكل طعامهم و الزواج منهم ،،
فلو كنت متسقاً مع ذاتك فيجب أن تصر أيضاً على ألا يبني المسيحيون و اليهود دور عبادة جديدة لهم غير القائمة بالفعل .

و لمن لا يفهم في العلاقات الدولية أقول :

لو طبقت عليك الهند أو الصين واحدة من أوليات الديبلوماسية و هي (مبدأ المعاملة بالمثل) فستغلق مئات المساجد على أراضيها مضهدة و مضيقة على آلاف من المصريين هناك ، بل و أيضاً على مئات الملايين من الهنود و الصينيين من أبناء عقيدتك !!

صدق من قال : لكل داء دواء إلا الحماقة أعيت من يداويها !!

********************************************

النقاط الإجمالية :

4- (عيش ، حرية ، عدالة إجتماعية ) :

* واحدة من أكبر مصائب هذا الدستور هي المواد المختصة بالعدالة الإجتماعية ،، و كم هو مرير ذلك الحزن الذي يعتريني و أنا أرى أن أكبر سوأتين في دستور الثورة تتعلقان بالشباب (صناع الثورة) ، و بالعدالة الإجتماعية ( أحد مطلبين من 3 مطالب أساسية للثورة "عيش ، عدالة إجتماعية")  ، و إلى جانب هاتين المصيبتين أرى سوأتين إضافيتين تتعلقان بالمطلب الثاني للثورة (حرية) في شأن الحريات الدينية و المذهبية و حرية الصحافة !!

* فالمواد المتعلقة بالعدالة الإجتماعية فضفاضة بشكل مستفز ،، وجودها كعدمها من فرط المطاطية الغير ملزمة ،،
و لا أجد مبرراً لهذا ، فلا أعتقد أن أي تيار داخل التأسيسية أو حتى داخل الوطن - عدا رجال الأعمال - يمكن أن ينبنى أفكار مناهضة للعدالة الإجتماعية !! و لا أعتقد أنهم تعمدوا عدم الإلزام خوفاً من عدم القدرة على الوفاء ، فالدستور ملىء بمواد يمكنها أن تفرغ خزانة الدولة في شهر واحد - و لهذه المواد أردت نقطة إجمالية خاصة في هذا المقال - ،،
لذا ليس لدي لتفسير تلك المطاطية  سوى إحتمالان أحدهما أسوأ من الآخر :

- فإما أن النية مبيتة لإعادة إنتاج نفس النظام الإقتصادي السفيه الذي يزيد الفقراء فقراً و الأغنياء غنىً كنتيجة لضغوط من : القطط السمان من رجال الأعمال و مئات مستشاري النظام السابق في مقابل التعايش و عدم إصطناع أزمات إقتصادية و أمنية ، و من البنك الدولي صاحب سياسات "تعجيف" الدول النامية ، و من أمريكا صاحبة النظام العالمي الإقتصادي الحريص على تقزيم العرب في مقابل إسرائيل و على وأد صغار القوى الإقتصادية لمصلحة الدول الأكثر تقدماً ،،

- و إما أن تلك المطاطية متروكة كجائزة لحزب الأغلبية البرلمانية لتمرير قوانين ترعى العدالة الإجتماعية فتصبح رصيداً يضاف له لأنه قدم هذا المطلب الأساسي رغم عدم إلزام الدستور له بذلك ،، فيصبح ذلك الحزب هو فارس الثورة على جواد البرلمان مهما كانت ضآلة قدر ما يقدمه ، و يحتسب له ذلك كفضل و منة على الشعب تؤهله للحصول على الأكثرية من جديد في البرلمان التالي ، لتستمر هيمنة الفصيل الواحد على مصر لثلاث دورات برلمانية متتالية على الأقل !!

- تعالوا نأخذ مثالاً بسيطاً لأحد المواد المتعلقة بالعدالة الإجتماعية :

### المادة (14) : ( يهدف الاقتصاد الوطنى إلى تحقيق التنمية المطردة الشاملة، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاه، والقضاء على الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل، وزيادة الإنتاج والدخل القومي. وتعمل خطة التنمية على إقامة العدالة الاجتماعية والتكافل، وضمان عدالة التوزيع، وحماية حقوق المستهلك، والمحافظة على حقوق العاملين، والمشاركة بين رأس المال والعمال فى تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها. ويجب ربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول، وضمان حد أدنى للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى فى أجهزة الدولة لا يستثنى منه إلا بناء على قانون ) ###

أتحدى أن تستخرج لي أمراً واحداً ملزماً للدولة لو تركته يمكن مؤاخذتها عليه !!
الدولة سترعى حقوق العاملين التي هي غير معرفة و متروكة للقانون ،
الدولة ستربط الأجر بالإنتاج بدون تحديد طريقة الربط هل هي مباشرة مطردة أم غير ذلك ،
و لم يعرف الإنتاج لذا قد يكون دستورياً ألا يحصل الطبيب على مقابل مادي لعمله لأنه لم ينتج أثناء فترة تواجده بسيارة إسعاف دون أن تكون هناك حالات عاينها خلال نوبة عمله ،
و الدولة ستضع حد أدنى و حد أقصى للأجور و المعاشات دون تحديد نسبة أو ربط ذالكما الحدين بمستوى الفقر مما قد يجعل الحد الأدنى الذي صنعه "نظيف" دستورياً بعد العمل بدستور الثورة !!
و الموظفون يمكن إستثناؤهم من الحد الأقصى للأجور بقانون تماماً كما كان يحدث مع معظم الوظائف في عهد مبارك !!

تباً ،، أين الثورة من كل ذلك !!!

_______________________________________

5- التمكين للشباب : (نقطة إجمالية مع تفصيل للمادة 71)

- رغم عدم جواز الدعوة للجور و الإجحاف ، لكن لو كانا بالفعل حاصلان ، أليس من المنطقي أن يكونا في مصلحة صاحب الإنجاز ؟!
و صحيح أنه لا يمكن التوافق على كل مواد الدستور من كل فئات الشعب ، و لكن ألم يكن من الكياسة و النزاهة أن يرضي ذلك الدستور على الأقل الشباب من صناع الثورة ؟!

- في ( المادة 63) - الخاصة بجواز فرض عمل بقانون و التي ذكرتها آنفاً - عورة دستورية سيدفع (بلا شك) ثمنها الشباب فقط ، و ستدفع طبقة أو أكثر في المجتمع ثمنها فقط عند (إحتمال) التطرف في إستخدامها !!

- و من جديد دستور مصر يحدد سناً أدنى لمنصب الرئيس و رئيس الوزراء و لا يضع حداً أقصى ،، و يقصي من تشكيل المحكمة الدستورية الحالية (أصغر أعضائها سناً) و كأن صغر السن سبةُ تستحق الإقصاء ، أو عورةُ تستحق التغطية !!
لماذا التكريس لدولة العواجيز بعد ثورة كان من أبدعها و نفذها و صانها و دفع ثمنها هم الشباب و الشباب فقط ؟؟!!

ما هذا العبث ؟! كيف يقبل الشباب بكل هذه الإهانات ؟!

- حسناً ،، أنت ما زلت مقتنعاً أن كل ما سبق في هذه النقطة هو ضرورة طبيعية لإستغلال الخبرات لصالح المجتمع ،، إذاً من فضلك دلني و لو مادة واحدة تكرس التمكين للشباب في منصب أو إستحقاق و لو حتى صوري أو شرفي ؟؟!!
لم تجد ؟ دعني أنا أدلك على ما سيجده آخرون و يتخيلونه خيراً و هو في الحقيقة قمة الإهانة و الإقصاء !! :

 ### المادة (71) : تكفل الدولة رعاية النشء والشباب، وتأهيلهم وتنميتهم روحياً وخلقياً وثقافياً وعلمياً وبدنياً ونفسياً وإجتماعياً وإقتصادياً، وتمكينهم من المشاركة السياسية الفاعلة.###

- هل لاحظت خلط النشء بالشباب ؟! هل تعلم أن في ذلك مساواة - دستورية - لحقوق الشباب بحقوق الأطفال و المراهقين ؟!

- هل تعلم أن الصيغة تنص - في مفهومها البلاغي - أن النشء و الشباب حالياً غير مأهلين و يجب تأهيلهم ؟!
الشباب صناع فكرة و فكر الثورة يحتاجون كل أنواع التأهيل الممكنة ،، لكن الديناصورات و اللحي في اللجنة المباركة لوضع الدستور و الذين أتحفنا كثير منهم ببلاهات متعاقبة في البرلمان أو الإعلام هم فوق كل إحتياج للتأهيل !!
هذه ليست مجرد إهانة ،، إنها جملة إستعلائية مقصودة لتبرير إنفراد أجيال الفشل السابقة بالحكم و تعطفهم على جيلنا بالتأهيل و الرعاية !!

- و لو تغاضينا عن كل هذه النظرة المليئة بالإرتياب ، هل تستطيع أن تخبرني بكيفية تنفيذ ذلك الإختراع الحديث على واجبات أي دولة في العالم و تشرح لي كيف يمكن لدولة أن تأهل جزءاً من شعبها روحياً و خلقياً ؟! أم أن هذا إعادة إنتاج لأفكار السادات التي تركها هو نفسه قبل وفاته ؟!

- هل يمكنك إستنتاج شيء غير الإهانة و التهميش المتعمد من عدم وضع آلية لشكل " التمكين من المشاركة السياسية الفاعلة" ،، و من ذكر الدور السياسي للشباب في نصف سطر من دستور قوامه 234 مادة مفصلة ؟!!

فعلاً إنه دستور ثورة الشباب !!

_______________________________________

6- السذاجة الطفولية "المخلة بالمعنى و المقصد" في صياغة بعض المواد ،،
و منها التوظيف العجيب بدون تعريف للأخلاق ، و لواجبات المجتمع ، و بعض واجبات الدولة ، و لمفهوم "أهل السنة و الجماعة"  :

* ### المادة (9) : ( تلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، دون تمييز) ###.

- نعرف كيفية توفير الأمن ، و كيفيات توفير تكافؤ الفرص ، لكن كيف يمكن أن توفر الطمأنينة "لجميع" المواطنين ؟!
- الطمأنينة شعور ، الجانب الأهم في تكوينه هي شخصية الإنسان و الجانب الأقل أهمية هو معطيات الواقع ، كيف ستغير الدولة شخصيات "كل" المواطنين لتجعل "الطمأنينة" تملأ قلوبهم نتيجة للأمن الذي وفرته ؟!
- كيف يمكن إصدار تشريع جديد أو الطعن في واحد قائم بناءاً على مادة الطمأنينة هذه ؟!
- إذا أردت أن أمارس حقي الدستوري في الحصول على "الطمأنينة" من الدولة فلأي مؤسساتها أتوجه ؟ للداخلية أم للدفاع أم لمستشفى الصحة النفسية بالعباسية ؟!


* ### المادة (10) : ( الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون) ###.

 في هذه المادة يجتمع نوعان من العجائب :

-عجيبة و بدعة جديدة لدور "هلامي" مبتكر للدولة ، فهل هناك تصور ما لكيفية رعاية "الطابع الأصيل للأسرة المصرية" ؟ هل هناك تعريف لذلك الطابع ؟ هل لو تغيرت بعض العادات الإجتماعية للأسرة المصرية بأن أصبح الأبناء يعيشون في مدن بعيدة عن الآباء ، أو قبل المجتمع بفكرة زواج المسيار يجب على الدولة ردع ذلك و مقاومته ؟!

- و النوع الثاني من العجب - و هذا ستراه مكرراً في أربع مواد في الدستور - و هو دور المجتمع ،، فإذا كان السؤال السابق حول كيفية حفاظ الدولة على "الطابع الأصيل للأسرة المصرية" هو سؤال إجرائي فنفس السؤال عن دور المجتمع في نفس الأمر سيكون بالضرورة سؤالاً جوهرياً و إستنكارياً في نفس الوقت !!
عندما يوضع دور للمجتمع في الدستور يجب أن يكون ذلك تقنيناً لحدود مساحة دور أفراد المجتمع في أمر ما ، و لا يجب أن تُلزم أي مادة دستورية المجتمع بأمر محدد ،، بمعنى آخر يجب أن تذكر حق المجتمع و ليس واجبه في التدخل في شأن ما ،،

- و سبب ذلك بسيط جداً ، فإلزام أي شخص حقيقي أو إعتباري بأمر ما يستدع بالضرورة محاسبته على كل من التفريط في نفس الأمر أو فعل عكسه ،
فماذا لو لم يؤدي المجتمع دوره في الحفاظ على "الطابع الأصيل للأسرة المصرية ؟ هل سنفرض غرامة على المجتمع ؟!
و ماذا لو قرر المجتمع تغيير هذا الطابع الأصيل ليعيش بطابع جديد معدّل ؟ هل ستحكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية ذلك التحول و تحيله لمحكمة الأسرة لتقرر حبس المجتمع في سجون وزارة الداخلية ؟!

- ستجد نفس الدور العجيب المفترض للمجتمع في الشئون التالية : ( في الديباجة : رعاية الوحدة الوطنية ) ( المادة 22 : رعاية حرمة الأموال العامة ) ، ( المادة 31 : رعاية الكرامة الإنسانية ) ، ( المادة 68 : إكتشاف الموهوبين رياضياً) !!


* ### المادة (11) : ( ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية، والحقائق العلمية، والثقافة العربية، والتراث التاريخى والحضارى للشعب؛ وذلك وفقا لما ينظمه القانون) ###

- نفس الإشكالية السابقة لإبتداع دور جديد للدولة ،، كيف سترعى الدولة الأخلاق ؟ و ما هو تعريف تلك الأخلاق ؟
أليس الحقد و الحسد من الأخلاق الذميمة التي - بناءاً على هذه المادة - يجب على الدولة العمل على تقويمها ؟ هل ستربي الدولة المجتمع ؟
و ما هي مرجعية تلك الأخلاق المفترضة ؟ هل ستكون الشريعة أم العرف ؟
كيف لا تضمن لي ألا تتعسف الدولة في هذه الرعاية لتجعل من نفسها وصية على المواطنين ؟


* ### مادة (12) : ( تحمى الدولة المقومات الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع، وتعمل على تعريب التعليم والعلوم والمعارف) ###

- تعريب العلوم يا سادة ليس هو بوابة الفخر التي تبحثون عنها ،،
تغيير لغة العلوم إلى لغة دولة في حين أنها مازالت دولة "مستهلكة للعلوم" و ليست "منتجة لها" هو بوابة الإنحدار العلمي ، و لو أحببت أن ترى لذلك مثالاً أنصحك بزيارة سوريا لترى كيف يتوقف تعليم خريج الجامعة عند آخر يوم دراسة له فيها ، فهو غير قادر على قراءة بحث واحد أو حضور مؤتمر باللغة الأجنبية ، و لا يزور مؤتمرات بلاده جنسيات تتحدث لغات أخرى لأنهم بالتأكيد لن يتعلموا العربية فقط لإلقاء تلك المحاضرة !! المحصلة النهائية تكون توقف التحصيل العلمي بعد التخرج و العزلة العلمية للدولة ذاتها عن باقي دول العالم ،،
مرحباً بتعريب العلوم لكن بعد أن يصبح لديك أنت منتج منها يكفي لأن يهتم بك العالم فيترجم من و إلى لغتك ، الوضع الحالي يجعل العالم يتعامل معك ككم مهمل علمياً و هذا بالتأكيد ليس في صالح دولة بمستوانا العلمي و التعليمي .


* و نفس الزلتان السابقتان تتكرران مع ### ( المادة 60 ) التي تنص على أن (اللغة العربية مادة أساسية فى مراحل التعليم المختلفة بكل المؤسسات التعليمية. والتربية الدينية والتاريخ الوطنى مادتان أساسيتان فى التعليم قبل الجامعى بكل أنواعه. وتلتزم الجامعات بتدريس القيم والأخلاق اللازمة للتخصصات العلمية المختلفة) ###

- من جديد ستدرس الجامعات القيم و الأخلاق للتخصصات العلمية المختلفة في حين أن قليلاً من العلوم فقط هي التي تملك مادة علمية أخلاقية قابلة للتدريس ، فكيف ستتصرف الجامعات مع هذا التكليف الدستوري المطلق ؟ ما هو نوع الأخلاقيات التي يجب أن يدرسها خريج كلية الهندسة قسم كهرباء ؟!

- و من جديد أيضاً تكليف مطلق بأن تكون اللغة العربية مادة أساسية بكل مراحل و مؤسسات التعليم ، نفس الإشكالية التعميمية قائمة ، كيف ستتصرف الجامعات مع هذا التكليف المطلق الجديد مع كلية الطب مثلاً ؟ هل سيدرسون فيها النحو و الصرف ؟! أم أنهم يقصدون أن يتم تعريب أحد مواد الدراسة التي هي في المطلق و بدون إستثناء باللغة الإنجليزية ؟!


* العته في تعريف مصادر الشريعة بأنها مصادر أهل السنة و الجماعة بدون تعريفهم في الدستور ، رغم أنه لا يوجد لذلك التعريف نص علمي منضبط متفق عليه لأهل السنة و الجماعة في عِلم منضبط آخر !!

### المادة (219) : ( مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة )###

- هذه المادة ليست فقط موصومة بإنعدام إلزاميتها لإنعدام علمية التعريف ،،
لكنها أيضاً يمكن إن تتحول إلى مدخل واسع لتغول المذهبية على الدولة ، فلن تصبح الدولة ذات دين و حسب ، لكنها ستصبح دولة ذات مذهب محدد أيضاً !!
و الإشكالية في ذلك أن الفتوى و الإحتكام سيكون فقط لمشايخ ذلك المذهب ، و سيحتكر الأزهر الإسلام كما إحتكر "أحمد عز" الحديد !!
فإذا إفترضنا أن مذهباً جديداً سيظهر أو أن مذهباً قديماً سيتم إحياؤه من قبل فرد أو مجموعة ما ، فستقوم الدولة المذهبية من خلال مؤسساتها بالضرب على يد هؤلاء المجددين لأنهم خالفوا ما يُعرفه الأزهر ( بمذهب أهل السنة و الجماعة) !! و سيفرض أسلوب تعامل مع هؤلاء الزنادقة الجدد بنفس أسلوب التعامل مع من حاول إستيراد الحديد أيام "نظيف" كمحاولة لكسر جبروت إحتكار "عز" له حينها !!

السؤال الممتلىء إشمئزازاً حتى الغثيان هو : لماذا ؟! ما الذي تخشونه و ما الذي ترمون إليه ؟!

_______________________________________

7-  كثير من النوايا الحسنة ، كثير من التضارب ، مواد ستلغي بعضها بعضاً ، أو ستصبح - بوجود الأمر و نقيضه - مهرباً من تنفيذ الإلزام الدستوري بها :

* ### المادة (33) : ( المواطنون لدى القانون سواء؛ وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك ) ###

- هذه المادة إما أنها ستتضارب مع مواد أخرى تتعلق برعاية المعاقين و مصابي الحرب و الثورة و بالتالي فإحداهما أو كلتاهما ستعتبران لاغية ، فالمادة تنص على المساواة في الحقوق و الواجبات "بالمطلق" بين المواطنين ، و المواد الأخرى تمنحهم إمتيازات أكثر من سائر المواطنين ،،
لو لم يقنعك هذا فلا أعتقد أنك ستخالفني في أن هذه المادة تضع تكليفاً دستورياً بتجنيد الفتيات ، فلا مساواة بين فترة و جهد التجنيد و الخدمة العامة !!


* ### المادة (81) : ( الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً. ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها. وتُمارس هذه الحقوق والحريات بما لا يتعارض مع المبادئ الواردة فى باب الدولة والمجتمع بهذا الدستور ) ###

- المادة تناقض نفسها !!! المادة تضع حظراً مطلقاً على أي محاولة لتنظيم الحريات اللصيقة :"لا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها" ثم تورد تحديداً واضحاً أن هناك باب كامل يختص بتقنين هذه الحريات في : " بما لا يتعارض مع المبادئ الواردة فى باب الدولة والمجتمع بهذا الدستور" !!!

- كيف يمكن لعقل طفل أن يكتب ذلك النص ؟! حتى بدون التعرض للزلل في عدم تعريف الحقوق اللصيقة و ترك تفسير ذلك للأهواء القانونية في المحاكم و البرلمان !!

- لو خطر ببالك أن لفظ "قانون" هنا تعني التشريعات اللاحقة للدستور ، فأرجوك أن تراجع تعريف المستشار الغرياني نفسه - و هو رئيس اللجنة - في المسودة الشارحة و في جلسة السلق الختامية عندما عرف القانون بأنه : "لفظ مجمل يشمل الدستور و التشريعات و اللوائح" !!


_______________________________________

8- واضع هذا الدستور إما رومانسي حالم ، أو متسرع مغرض !! نعم هل تعلم كم المواد التي ستضعنا في إشكاليات رهيبة لأنها غير مدروسة ؟!

- فرغم صحة المبدأ و إستحقاقه ، هل درسوا إمكانيات الدولة السياسية ، و القانونية ، و مواردها المادية في أمور مثل :

( تعويضات الحبس الإحتياطي ، و الأحكام القضائية الساقطة (المادة 80) ) ،
و ( توفير الحياة الكريمة للمساجين بعد الإفراج (المادة 37) ) ،
هل هناك كوادر كافية لرعاية ( شئون و حقوق و حريات المصريين بالخارج (المادة 56) ) ،
و ( اللجوء السياسي الذي قد يأتي بنصف سكان أفريقيا إلى محافظات مصر  ( المادة 57) ) ؟!

- أم فقط درسوا بعناية كيف يضعون في دستور دولة و بعد ثورة مادة مخصوصة كل مهمتها هو إقصاء شخص واحد من منصبه و هو الكائن المسمى بتهاني الجبالي ؟!

تباً للأجندات !!!

_______________________________________

9- النقطة التي أحببت أن أختتم بها نقدي للدستور هي نقدي لفكرة وضع دستور دائم في هذا التوقيت و هذه الظروف :

* فدستور دائم في هذا الجو المشحون سيؤدي بنا إلى كارثة لأنه سيصبح سلاح للمبارزة القانونية و السياسية ،،

* فبعد إقراره بيوم ستملأ ردهات المحاكم و أرصفتها الدعاوى المرفوعة على تناقض مواده ، و على عدم دستورية القوانين و اللوائح و القرارات الإدارية الحالية لأنها تخالفه !!
و هذا الوضع سيستلزم من الحكومة أحد أمرين كلاهما فاسد :

- إما إنتظار الفصل في كل دعوى و تعطيل كل الأعمال المتعلقة بموضوعها لنعيش في وطن مشلول ،،

- أو أن تتجاهل الحكومة إجراءات و أحكام التقاضي ، لندخل من جديد في دولة الديكتاتورية و ديكورية القضاء و نخالف المادة (75) من الدستور الجديد التي تنص على أن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة !!

* لذا فبعد الثورات يجب إلتزام أحد أمرين و لا يجوز (النتطيط) بينهما :

- إما ديكتاتورية ثورية ذات قبضة قوية تصنع طريقاً جديداً للوطن يلتزم به الجميع ،،

- أو توافق رشيد بين نخبة مستحقي إبداء الرأي يؤلف عقولهم رجل حكيم قادر يحوز ثقة معظم الأطراف ،،

* فأي أمل لنا و قد عدمنا الإحتمالين !!

* و أي أمل لنا أصلاً و قد سرقت ثورتنا "اللقيطة" و شوهت ثلاث مرات في كل "إعلان تبني" من (العسكر ، فالإخوان ، فالفلول ) ، و رغم ذلك يصر الثوار على تبني نفس تكتيك و إستيراتيجية الإشتباك مع الواقع السياسي بعناصره من مؤسسات و أشخاص و قرارات !!

********************************************

* ما كتبته هو معذرة مني إلى ربي ،، و حجة أضعها في وجه كل من سيدعي أنه خُدِع من نصاب سياسة أو تاجر دين في الإستفتاء القادم إن قدر له الله الحدوث ،،

*عزيزي لديك إختيار من ثلاث :

- إما أن تكون لديك حجج تدحض حججي و تجعلها في مقام العدم ، أو خطأ الإستدلال ،،

- و إما أن تتبع نصيحتي و ترفض ذلك الدستور شكلاً و تفصيلاً ،،

- و إما أن تبحث أكثر لعلك تجد ما هو أفضل ،،

- أما الخيار الرابع المقيت الغير مقبول بالمرة بأن تكرر للمرة الرابعة نفس الحماقة ، و تمارس حقك في تحطيم وطنك من خلال آليات الديموقراطية السفيهة،،
فتذهب لتدلي بصوتك في الإتجاه الخاطىء بناءاً على فهم قاصر أو توجيه مغرض ،،
ثم تعاند بحجة أنه "رأيك و إنت حر" أو "تقدر تحلف إن (لا) كانت أحسن؟" ،،
ثم تعتذر عند التأكد من حمق إختيارك بحجة أن الأمر لم يكن واضحاً ،،
ثم تلوم النخبة التي لم تشرحه العوام ،،
ثم - عندما تكتشف أنهم قاموا بدورهم لكنك لم تصغي - تسب كلاً من النخبة و الحكام و تصفهم بشلة لصوص و منتفعين و متاجرين بالوطن ، و تصف السياسة بأنها لعبة قذرة ، فقط لتدفع عن نفسك عبىء تحمل مسؤولية خطيئتك الحمقاء !!

* من الآن أنصحك :
إتبع رأي الجماعة التي إتضح من الكبوات الخمس السابقة أن رأيهم كان هو الصواب ،،
و إنزل على ما سيجمعون عليه من أحد الإختيارين في رفض هذ الدستور ،، أحد الحلين حسبما يقتضي الظرف إن وصل هذا الدستور لمرحلة الإستفتاء :

- فإما أن تتبع المبدأ الأصح بمقاطعة التصويت لأن هذا الدستور وضع بشكل باطل ، حيث أنه "سُلق بليل" بما لا يليق بدولة ، أو لأنه لم يشارك في وضعه صناع و حراس فكر الثورة لأسباب كثيرة لا مقام لشرحها الآن ،،

- أو أن تنزل على رأي قد يكون أكثر حكمة في حينها بأن تصوت بـ "لا" و تسقط هذا الدستور المعيب ،، نعم قد يكون معظمه جيد ، لكنه معيب و لو بعيوب تعد على اليد الواحدة تدفع لبطلانه كاملاً للسبب الذي شرحته في أول مقالي .

********************************************

* أعتذر عن المشاركة الفعلية لو وصل هذا الدستور لمرحلة التصويت و تم إقراره ،،

- أنا خارج هذه اللعبة حتى تتغير "القماشة" المعيبة لهذا الشعب ،، أو حتى يقرر هو إستغلال نفس  هذه القماشة المعيبة لكن مع ماكينة (أيديولوجية) و خياط (نخبة) من نوع آخر ،،

- عليه أن يثبت حسن نواياه بإختار نوع جديد غير "الخياطين الحاليين" الذين كانوا سبباً في كبوات هذا الشعب لعقود مظلمة كانوا هم فيها في صدارة مشهدها و لم يفلحوا في تغيير الأمر شيئاً إما لضعف هممهم عن التغيير الفاعل ، أو - كما أعلم و أعتقد و يَثبت اليوم - لعجز عقولهم عن صنع واقع مغاير أفضل ،،

- على هذا الشعب أن يختار "خياطين جدد" من نوع طالما أهملهم و هم من صنعوا له ثورته فخونهم ،، ثم عرَضوا أنفسهم مراراً لمساعدته فسخر منهم ،، ثم ثاروا من جديد فإستعلى عليهم و وصفهم بالحماقة !!

- {إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء}
- {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}
- (لا ضرر و لا ضرار)
- {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها}

- إن مر هذا الدستور المهين لتاريخ أمة ،،
و إن بقيت نفس السياسات و النهج لهذا الرئيس منعدم الشرعية على كل مقياس ( المقياس الإسلامي الذي يتاجر به ، الدستوري الذي أقسم على الولاء له ، الديموقراطي الذي ينصب به على الشعب و المجتمع الدولي ، الثوري الذي يمتطيه وقتما يريد ) ،،
فلا مقام لي في هذا الوطن و إني على تركه لحريص .


__________________________________


المقال التالي به طرح على بطلان الدستور حتى في حال الموافقة عليه ،، و تفريق أخلاقي و منطقي و سياسي بين المقاطعة الإستفتائية و المقاطعة الإنتخابية :

(هناك فرق أخلاقي و منطقي جوهري بين مقاطعة الإنتخابات و مقاطعة الإستفتاءات رغم أن الإستفتاء و الدستور باطلان)







توقعي لنتيجة الإستفتاء حالة حدوثه بدون تزوير :

(هذا هو رأييي في توقع نتيجة الإستفتاء ، و هذا التوقع يصب في مصلحة المشاركة و ليس المقاطعة)








هناك تعليق واحد:

  1. لقد بزلت جهدا يستحق التقدير ولكنك تسرعت في التلويح أو التهديد بالانسحاب وأنت أنت من تململت من نخب العصر ضعيفي الهمة والعجزة عن تغيير الواقع الفاسد ،،، وأنا أرفض أن أراك بينهم أو مشابه لأحدهم ؛ فامضي نحو ما تؤمن به بلا تردد وبكامل الإرادة اللازمة لتحقيق الأهداف ، وأنت أنت صاحب القرار إما مناضل أو منسحب ،،، واسمح لي بقدر احترامي لشخصك وأفكارك إلا أني أرفض كمصري التلويح او التهديد بالانسحاب أو المقاطعة فذلك ليس من شيم المناضلين المظفرين فليس أمامهم إلا النصر والنصر فقط فإلى نصرة كلمة الله ونصرة الوطن ونصرة الشباب ونصرة الخق امض ولا تتردد ولا تهتز ولا تهدد ذاتك بذاتك ولا تلوح بيمينك لشمالك ــــــــــــ والله وحده ولي التوفيق

    ردحذف