- هل رأيت لوحة الموناليزا ؟
- هل أعجبتك قدرة دافنشي على محاكاة الطبيعة من
تفاصيل في الملامح و الظلال و التكوينات اللونية ؟
- أغلق عينيك الآن و تخيل الموناليزا لكن ........
بإطار
غير متساو الأضلاع و الزوايا ،،
مصنوع
من بقايا مواسير مياة حديدية صدئة و بقايا أخشاب من كناسة أي ورشة نجارة ،، يثبت
هذا الإطار من الزوايا بقطع من الخيش و الدوبارة ،،
و تثبت
قماشة الرسم التي عليها الموناليزا إلى ذلك الإطار بخليط من مسامير قلاووظ و
دبابيس مكتب ،،
التي
بدورها لم تكفي للتثبيت فتم إستخدام "لبانة ممضوغة" للصق الطرف الأخير ،،
لكنها
لم تصمد كثيراً و تمددت لتكسب قماشة الرسم الأصلية شكلاً متموجاً غير منتظم !!!
- قل لي
الآن مع هذا الوضع الجديد : ما رأيك في توزيع اللون الأخضر في خلفية اللوحة مع ظلال
الأشجار و تماشي ذلك مع الإضائة الجانبية التي إفترضها الفنان في لوحته ؟؟!!
- من
فضلك لا تنفعل :) ،، كان ذلك مجرد إختبار
لأهمية "فكرة الإطار" بالنسبة لأي عمل .
* دافنشي لم يصنع الإطار للوحته ،، صنعه شخص آخر
،،
- شخص
قدر سماكة ، و خامة ، و لون ، و نقوش الإطار المناسب لهذه الصورة بالذات ،،
- شخص
كان شديد الدقة حتى يجعل كل أضلاعه الخشبية تنتهي بزوايا بمقدار 45 درجة لتكون
كلها في النهاية زوايا قائمة منضبطة ،،
- شخص
ثبت ذلك الإطار إلى بعضه بطريقة لا تجعلك ترى مساميراً تشوه المنظر ،، و ثبت
اللوحة بشكل مشدود غير متكسر ،، و صنع أداة تثبيت في خلفية الإطار ليمكن تعليقها
بأمان إلى الحائط .
- هذا الشخص صنع فناً هو الآخر
،، لكن السؤال :
أيهما أكثر فناً ،، و أيهم أكثر
فائدة : صانع الإطار أم دافنشي ؟؟!!
-
الإجابة : هذا السؤال أصلاً لا قيمة له ،، لأنه لن تترتب على إجابته معلومة مفيدة
يمكن توظيفها في صنع قرار ما ،،
لكنها
في المقابل ستصنع ضغائن غير مبررة ، و غير مؤثرة في الرحلة الدئوبة التواصل لتطوير
المنتج الإنساني.
- إجابة
هذا السؤال – على فرض أننا صممنا على إجابته – ستختلف كثيراً بإختلاف الموقف في ظروف متشابهة لمنتجات أخرى
يتشارك فيها صناع أطر مع صناع مضمون .
- إجابة
هذا السؤال لابد أن تكون سؤالاً آخر ، ينتج إجابة أكثر فائدة : هل يستطيع أحدهما
العمل بدون الآخر ؟؟!!
لهذين السببين أرى أن تلك المقارنة بين صنفي البشر
حول أيهما أكثر أهمية لا منفعة من ورائها أساساً ،،
فضلاً عن ان محركها الوحيد هو أحد أحط الخصال
الإنسانية و هو "الحسد" ،،
الكل
يحسد الآخر على وضعه ،، و يغطي ذلك الحسد الذي يستحي من إظهاره بمحاولة إما تضخيم
الذات أو تحطيم الآخر أو كليهما معاً !!
البعض
يفعل ذلك عن عمد و نية سيئة ،،
و
الآخرون يفعلونها تطبيقاً لفكرة الإنسان "الببغاء" التي تُسير النظام
العالمي الحالي ،،
حيث
يردد الببغاء البشري ما يسمعه في أكثر وسائل المعرفة إتاحة و ثقة بالنسبة له (
التيليفزيون ) !!!
* الآن سأسأل سؤالين آخرين لكن أعدكم هذه المرة
بالإختصار :) :
- أيهم أكثر فائدة و أغلى ثمناً : دريكسيون السيارة أم المحرك ؟؟!!
- أيهم أكثر فائدة و أغلى ثمناً : دريكسيون السيارة أم المحرك ؟؟!!
- أيهم
أكثر أهمية و أعلى أجراً : مدرب كرة القدم أم أفضل مهاجم في الفريق ؟؟!!
الإجابة
الحقيقية أيضاً هي نفس إجابة السؤال الأول : لا مجال للمقارنة ، لأن المقارنة لا
يمكنها أن تنتج معلومة يمكن إستخدامها ،،
الإجابة
الحقيقية للفكرة هي : أنه لا يمكن بتاتاً لأحدهم العمل ((( بكفائة ))) بدون الآخر
!
- لا
يمكن لسيارة بدون محرك أن تتحرك ،،
و لا
يمكن لسيارة تحمل أغلى محرك أن تصل إلى وجهتها دون نظام توجيه ،، نعم ستتحرك
السيارة ،، لكنها ستتحرك ( لتقتل ) ، او لتصطدم بحائط ( فتدمر نفسها ) ، و هي في كل الأحوال ( لن تؤدي
وظيفتها ) في النقل من مكان إلى آخر !!
- صحيح
أن المهاجم هو من يحرز الهدف النهائي الذي يحدد الفوز في اللعبة مستخدماً في ذلك
مهاراته و طاقاته ،، لكن ذلك لم يكن ليتحقق ( بكفائة ) دون خطة محكمة توصله أصلاً
إلى المرمى من ثغرات دفاعية يشخصها المدرب فيستغل المهاجم ( مهاراته ) ، و لا بدون خطة تدريبة لللياقة
تمكنه من إستغلال كافة ( طاقاته ) .
**********************************
* لكن لماذا كل تلك الديباجة المطولة المفهومة بداهة
لكنها ..... مهملة عن عمد في عملياتنا الفكرية الإنسانية في هذا العصر ؟؟!!
هذا العصر اللذي ملأ فيه المغرضون عقول الناس
بفكرة المساواة ،، المساواة مهما كان إختلاف عناصر تكوين أطراف المقارنة !!
* الإجابة :
- أنها
كانت كشفاً لسفه أولئك ( المغرضون ) ،، اللذين يلبسون الحق بالباطل لينشغل الناس
ببعضهم في سجالات لا منفعة منها ،، بينما هم يرسمون طريق مؤامرتهم التي تمكنهم من
إقتياد الجميع إلى ما يوافق مصالحهم الشخصية الضيقة !!
- هذه الديباجة كانت تأصيلاً
لأفكار بسيطة أود توصيلها :
1 - واضع الخطة الممتازة ليس بالضرورة افضل من ينفذها ،، و العكس
أيضاً صحيح ،، فليس أفضل التنفيذيين بالضرورة قادر على خلق خطط متميزة !
صانع الإطار ليس أكثر إبداعاً من دافنشي ،، لكن
لوحة دافنشي ستخسر كثيراً دون ذلك الإطار ،،
لو كان الحقد مبرراً بين صانع القرار و منفذه ،،
لكان أولى ان يكون بين دافنشي و صانع إطار لوحاته ،،
كل ميسر لما خلق له ،، و رسم الطريق قدرة إختُصت
بها بعض العقول ،، لكنها ليست بالضرورة أفضل من العقول التي ستشق هذه الطرق بمهارة
،، و لا أفضل من العقول التي ستستعملها بإبتكار !!
2 - لا
تتحزب إلا لعقيدة راسخة تفهمها جيداً ،، فتكون حينها جندياً مخلصاً لما تفهم و
تعتقد ،،
لكن لا
تكن أبداً ( مُـطـيةً ) لغيرك و تتحزب لفكرة يعجبك شكلها و لا تفهم محتواها ،، أو
لفكرة عنصرية تقوم على المظهر أو الجنس أو الجنسية ،،
تلك الأمور محلها النقاش
الموضوعي و ليس التحزب و التصارع .
3 - إذا كنت تريد أن تعلم أهليتك لصنع الأطر أم
لملئها فإعلم أن صانع اللإطار تلزمه ثلاثة عوامل :
- المعرفة بجمع الخبرات ،،
- و متابعة كل تفاصيل الأمر
لجمع كل المعطيات ،،
- ثم تحليل الثانية منطقياً بإستخدام الأولى للوصول إلى قناعات
أو رؤى ،،
عنصر أو إثنان لا يكفيان أبداً للوصول لوجهة نظر
متكاملة او رؤية جيدة لخطة تحرك مستقبلية .
- إعلم أيضاً أن صانع الأطر الجيد يلزمه إتباع
المنهج العلمي في التفكير ،،
- يلزمه الحيادية بالبعد عن الهوى ( المشاعر و
القناعات المسبقة ) ، و المصلحة ( الشخصية أو العنصرية ) ،،
- يلزمه أدوات قياس ذات وحدات ثابتة لتقييم الأمور
،، و ليس مجرد التقييم من خلال المقارنة ، و التي تعطي نتائج ( نسبية ) و غير
دقيقة ،،
- يلزمه ان يكون حكمه (OBJECTIVE) و ليس (SUBJECTIVE) لمن يفهم الفرق بين
الكلمتين .
- يلزمه ان يكون إنتاجه للمعرفة أقرب إلى طريقة (
التحليل فالفهم فالإستنتاج ) التي هي الطريقة الأكثر تعقيداً و تطوراً ،،
و أن يكون إعتماده في أضيق الحدود و فقط عند
إنعدام المعلومات على طريقة ( التجربة و الخطأ ) التي تعد طريقة بدائية يمارسها في
الأساس الحيوانات و الأطفال قبل سن التمييز !!
4 - فإذا
لم تجد ذلك في نفسك ،،
فإبحث -
بتفان و بلا كلل - عن مجال تميزك لتبدع
فيه ، بدلا من إهدار وقتك في مكان لن تكون فيه ذو منتج خاص ، و بدلاً من أن تهدر
جهدك و جهد أصحاب المكان في مناطحة لا منفعة منتظرة منها و لا تنتج إلا البغضاء و
العطلة ! .
إعتزل ما لست اهلاً له و لا
تزاحم ،،
فقط تدخل - من باب المروءة أو
تغيير المنكر - لإحقاق حق أو دفع باطل لا خلاف عليهما و لا تشوبهما شبهة لا
تستوعبها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق