الأحد، 22 أبريل 2012

إقتراح للمادة الثانية (بما لا يخالف شرع الله) مرجعية الشريعة بسلاسة التطبيق،لا رعونة المطالبة،ولا سطحية النقد




{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا  } سورة الأحزاب الآية ( 36 )

عقيدتي أن كل الأديان المنزلة - حال نزولها -  شملت :

-  شعائر تعبدية ،،

- أخلاقاً لرفع إنسانية البشر عن درجات الحيوانية الغريزية ،،

- تنظيماً للمعاملات بين الناس ( قواعد للعلاقات إجتماعية ، ضوابط تجارية و مالية ، محددات لأنظمة الحكم )

* و البند الأخير هو ما تمايز به الإسلام كونه آخر الرسالات ، بما إقتضى ان يكون تنظيم المعاملات فيه شديد التفصيل و الإحكام ،، والمرونة أيضاً  ،،

ليزيد الإسلام عن كل الأديان السماوية المرحلية السابقة ( ذات الشعائر و الأخلاق السامية ) بميزة ضرورية ، و هي صلاحيته كشريعة متكاملة للحياة و ذلك لشدة تفصيله لأمر المعاملات الإجتماعية ،، و لقابلية تطبيقه في كل زمان و مكان كنتيجة للمرونة المتاحة في النصوص التي تناقش ما سوى المبادىء الإنسانية المستديمة.


* أنهك الجدل أكباد الأمة حول مبدأ تطبيق الشريعة ، دون أن يكلف الداعون لتطبيقها عقولهم و ألسنتهم في شرح ما هو تحت العنوان العريض ،،

ما هي الشريعة ؟؟ ما تفصيلاتها ؟؟ هل تطبق كاملة من أول يوم أم أن التدرج وارد ؟؟ من يكون مرجعية في أمر إختُلِف على موافقته للشريعة من عدمه ؟؟


* أرى أنه ليس منا نفر يذكر يرفض تطبيق الشريعة في المعاملات الإجتماعية ( زواج و طلاق ، مواريث) ،،
و لذلك سبب ،، و هو أن الشريعة ورد بها تحديد دقيق للقوانين الحاكمة للأمر بما لا يدع باباً للإجتهاد ( مثل مدة عدة المطلقة ، و قسمة الميراث )

- لكن الخلاف دوماً حول المعاملات المادية ( نظم تجارية و مؤسسات مالية ) ،،
و حول أنظمة الحكم (مشاركة الفرد في حكم المجموعة ، تعامل مع دول أخرى  ) ،،


* و للخلاف في النقطتين تلكما سبب أيضاً ،،

و السبب في هذه المرة ( منطقياً ) هو عكس سبب الوفاق في أمر المعاملات الإجتماعية ،،
فلا نجد في الشريعة لا سورة في القرآن و لا مجموعة من الأحاديث فيها طريقة مفصلة ببنود واضحة لأنشاء مؤسسة مالية ، أو تنظيم إداري لوزارة او دولة !!

- و الذي لا يفهم أن هذا أمر مقصود ( و ليس منقوص ) في الشريعة لم يفهم معجزة قابلية تطبيق فلسفتها في كل زمان و مكان ،،


* فالباب الأول (المعاملات الإجتماعية ) اللذي ورد فيه تفصيل لا يحتمل كثيراً من التأويل يتناول علاقات إنسانية مستقرة مع الطبع الإنساني منذ بدء الخليقة ،،

- فمن يوم نزل آدم على الأرض و حتى يرث الله الأرض و من عليها كانت هناك الحاجة إلى الإرتباط بالجنس الآخر (الزواج) ،

- و الحاجة إلى تقنين التعامل مع منتج هذه العلاقة (بر الوالدين و حقوق الأبناء) ،

- و دوماً كان هناك الموت آت لا محالة بما إستدعى التعامل مع تلك الحقيقة (مواريث ) ،،


* أما البابين المختلف عليهما اليوم ( المعاملات الإقتصادية و انظمة الحكم )   فلم يرد فيهما نفس التفصيل لبداهة أن الزمان و المكان دائمي التأثير في عواملهما ( البيئة ، أعداد البشر ، العلوم الجديدة )  بما لا يمكن معه تطبيق نظام مسبق ذو قالب واحد على تلك المنظومة مستديمة التغير .

- لذلك نجد في ذالكما البابين " مــحــددات" فقط و ليست " قــواعد "  تفصيلية ،،

- لن تجد "قواعد" تأسيس بنك ( كالتي تجدها في القاعد الثابتة نسب توزيع الميراث ) ،، لكنك ستجد أن أي تصور لك لهذا البنك يجب ان يكون "محدداً" بثوابت لا يمكن تجاوزها مثل ألا يستثمر في المحرمات ، و ألا يتعامل بالربا الذي هو إستغلال لحاجة فقير و التربح من ذلك  ،،

- لن تجد "قواعد" تفصيلية لإنتخاب رأس الدولة ،، لكنك ستجد "محددات" مستنبطة من القرآن و تاريخ النبوة مثل مبدأ الشورى ،، و البيعة ،، و المناصحة لولي الأمر ،،


* و الإجتهاد في هذين البابين يخضع - فيما أرى - لمنظومة منطقية واضحة هي :


- أن نجتهد قدر ما تستطيع عقولنا في شؤون الدنيا فيما أتى بعد النبوة بدون مخالفة لثوابت الدين ،،

- فإن "شجر" بيننا أمر ( أي إختلفنا فيه )  رددناه إلى أولي الأمر ( أهل الخبرة بعلم أو سلطة ما ) ليفيدونا بالأصلح ،،

- فإن إتفقوا على حل واحد ، أو حلول عدة ،، أو إختلفوا حولها رددناه ( قبل ذلك ، أو أثناءه ، أو بعده فكله سواء) إلى الشرع و سألنا من بحثوا في هذه المسألة ليخبروننا هل وجدوا و جمعوا نصوصاً فيها "مــحددات" شرعية ذكرت في الأمر أم لا ( أي نستعملهم كمرجع لا مرجعية ) ،،

- فإذا مر الأمر على عقولنا أولاً ، ثم مر بأهل علمه ، ثم مر بالشرع ، ثم إتفق العقل و العلم و المرجعية الأخلاقية على أمر كان من الرقي البشري الحقيقي هو إتباع ذلك الأمر ،،


- أما لو إختلفوا ( فيما فيه سعة للإختلاف ) ، أو أقروا أموراً عدة متاحة و مباحة ،، فلك سعة إستفتاء عقلك و قلبك لإختيار ما تراه أصلح ،،

- و سيحاسبك الله على قدر ما وهبك من عقل ،، فهو الوهاب الذي منحك إياه ، و هو مقدر الأقدار ،،
لذلك هو أيضاً المعز و المذل في الدنيا و الآخرة ،، و بين رحمة الرحمن و قدرة المتجبر تكمن إرادة  مالك الملك .


* يبقى على قدر ما تستوعب ذاكرتي - موضوعان فرعيان في باب أنظمة الحكم لا يخضعان للقاعدة السابقة ،، ففيهما محددات واضحة ،، و عليهما جدل شديد ،،

و هما ( الحدود ، و الحريات الشخصية ) ،،

- فيهما بعض التشرعيات الواضحة التي لا تقبل اللبس لأنهما أصلاً جزء من تفاعل العلاقات الإجتماعية الإنسانية الثابتة ،،

- و فيهما لبس لأنهما يتقاطعان مع باب أنظمة الحكم ، أحد أبواب الإختلاف المفترض قيامها على الإجتهاد في إطار "المحددات" الشرعية ،،

- و إستغل كثيرون هذا التقاطع - بحسن نية و سوئها - للنيل من فكرة إمكانية الإسترشاد بالشرع الإسلامي في التشريع القانوني و السياسي ، و السخرية من عدم ملائمته للعصر ، و تصدير ذلك للعوام ،،


* و مناط اللبس في أمر الحريات الشخصية و الحدود راجع لجهل مزدوج بالشرع و بالعلوم الوضعية ، أو أحدهما ،،
و مجرد نقاش علمي حقيقي حولهما بدون مشاعر مسبقة سيصل إلى إيضاح مقنع للبس المذكور ،،


- فالدارس للعلوم الإنسانية الوضعية ( علم النفس و الإجتماع و المنطق و القانون )  يعلم أن هناك ضرورة للعقوبة ،، و يعلم أن هناك محددات لعدالة العقوبة ، و يعلم أن هناك مرونة في تغليظ العقوبة حسب ظروف المجتمع ،،

و العارف بالشرع يعلم أن الحدود التي يفزع الناس اليوم من مجرد ذكرها هي عقوبات عادلة لجرائم مساوية للعقوبة في الأذى أو تزيد عنه  ،، و يعلم أيضاً أن لولي الأمر (القاضي)  سلطة في تغليظ حد أو تخفيفه أو إفتداءه أو حتى تعطيله ، حسب ظروف الجرم و البيئة الحادث بها الجريمة ،،


- المطلع على العلوم الإنسانية الوضعية يعلم أن هناك فرقاً بين تجاوز القانون ( و هذا يوجب العقوبة القضائية) ، و بين تجاوز القيم الأخلاقية ( و هذا يقابل بعقوبات مجتمعية يحكم بها و ينفذها أفراد المجتمع على المتجاوزين في شكل علاقات إنسانية منفرة للمخطىء مثل النقد أو حتى الإجتناب ) ،،

و العارف بالشرع سيعلم عظمة إتساع دائرة الحرية العقائدية و المالية و السياسية في الإسلام التي يؤدي تجاوزها إلى العقوبة الدنيوية من ولي الأمر ،، و يعرف أن الدائرة الأضيق من الأخلاق الإسلامية هي إختيار شخصي يلزم بها طالب السمو نفسه و لا يحاسبه عليها إلا الله .


* و إختلف مريدوا الشريعة في أمر دستور يقر بها ،،
فحارب بعضهم من أجل بقاء المادة الثانية ،، و يحارب جدد من أجل تغييرها لكي تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر "الأوحد" للتشريع ،،

و قسموا الناس في أشد ما يمكن للإنسان التعصب حوله على مر التاريخ (الدين) ، دون أن يقدموا تصوراً أو تفسيراً للمطلبين حسني النية اللذين لا تكاد ترى تفاصيلهما من تضخم العنوان !!


* الأصل في رأيي هو تطبيق كلمة "شجر" في الآية الكريمة المذكورة بعاليه ،،الأصل في تطبيق الجملة العبقرية التي ضمنها أعضاء البرلمان في قسمهم ( بما لا يخالف شرع الله ) !!


- أرى أن ينص في الدستور على ألا تخالف مواده و القوانين المبنية عليه و اللوائح الشارحة لهما ( الشرع الإسلامي ) ،،

- و لينتخب أهل البحث العلمي في نصوص الإسلام المجازون علمياً مجلساً للعلماء يكونوا هم "المرجع"  و ليس "المرجعية" ،، فيعرضون على الناس ( و ربما ممثليهم في البرلمان او الحاكم) بمنهجية علمية جميع النصوص التي تتناول هذه المسألة ، و آرائهم الشخصية في فهم هذه النصوص ، و أفكار السابقين و خبراتهم في نفس الأمر إن تيسر و صح ذلك حسب الحالة ،،

- و ليمثل في ذلك المجلس عددياً علماء من كل مذهب من المذاهب المقبولة في المجتمع ،،

- و أياً ما كانت الآلية فالضامن ضد تحول الدولة إلى دولة دينية ، أو ضد إستبداد فئة لتنفيذ الشريعة من منظورها هو ما ذكرته من كون ذلك المجلس "مرجع" و ليس "مرجعية" ،،

فيمتلك الجميع أدوات إعمال العقل في النص ،، و نبتعد عن فكرة "الكهنوت" في تطبيقنا لفكرة الدولة ذات المرجعية الدينية .



* أرى فيما سبق فكرة واقعية معقولة في وقتنا الحالي لإقامة " دولة العلم " بما لا يخالف " الشرع " ،،
ففي الأصل هما لا يمكن أن يتقاطعا بحق ،، لأن منزلهما واحد و هو العليم الخبير ،،
و لو قام على الأمر عقلاء مستنيرون فالمنتج المنتظر هو تطور و رقي و ليس تخلف و جهالة.



* حقيقة لا يثير حنقي من طرفي معركة (الشريعة) من كان عن جهل أو حتى عن علم و تعمد تضليل ،،

- فالجاهل يُعلم ،، و الخصم يُدافع ،،

- لكن ما يثير حنقي هو كل أحمق تسبب في تحول كلمة كالجوهرة ( بما لا يخالف شرع الله ) إلى أضحوكة ،،
ليس لمجرد أنه قالها ،، فذلك فعل له كل الإحترام ،، إحترام المعنى ، و إحترام شجاعة الصدح بالحق رغم مخافة اللوم ،،


- لكن حنقي لأنه لم يراع حقها ،،

فهادن القاتل و المغتصب ،، و قبّل المنافق و المعتدي ،، و لم يكن أداة لا لجلب منفعة او درء مفسدة عن عباد الله ،،

- حولها بعدم كفائته إلى أضحوكة على وجه عدو الدين ،،

و إبتسامة سخرية على وجه الجاهل به ،،

و إمتعاض حانق في قلب من رأى الفتنة في دين الله قادمة تمطي أفعال السفهاء !!



__________________________________





سلسلة مقالات حول خيارات التجديد ما بعد الثورة و مرحلة ما بعد الإخوان :البديل:طريقة تشكيله،شكله المقترح و تحدياته



******************************
مقالات أخرى حول الرأسمالديموقراطية :
" لحسة" من الطعم الحقيقي للرأسمالية
الرأسمالية و التخسيس

***********
إقرأ ايضاً حول الديموقراطية لنفس الكاتب :
( نظام حكم جديد "دولة العلم ، بلا مخالفة للشرع" كبديل للديموقراطية الفاشلة أو الشمولية الفاسدة )

(إقتراح للمادة الثانية (بما لا يخالف شرع الله) مرجعية الشريعة بسلاسة التطبيق،لا رعونة المطالبة،ولا سطحية النقد)



(تطبيق الشريعة بين ملل تكرار المطلب دون شرحه ، و سفه التظاهر من أجل مطلب محقق التنفيذ !)



(وهم "قداسة الديموقراطية"، و البديل المقترح، و نظرية "الكسوف الفكري"، و أثر "الرأسمالية" على الفكر الإنساني، و ضلالات أخرى !)

من سلسلتي في تفسير فساد الديموقراطية
لمحات من مقارنة الديموقراطية بحكم الفرد

( الإنهيار الخامس لمنظومة الرأسمالية - ديموقراطية بالفيديو من وول ستريت)
( لماذا الحيرة فيمن نتبع؟؟؟هل يستحيل ان نكون مبدعين او يتبعنا الاخرون؟؟؟ )
يا دى المصيبة....انت مش ديموقراطى!!!! استغفر ربنا لحسن لو مت دلوقتى هتخش النار
حقيقة الربيع العربي، و سبب إتحاد الولايات الأمريكية و حلفاء الإخوان، و كيف نقلب الطاولة في وجه الشيطان الأمريكي بنفس خطته ؟
إذا كنت عاشقاً لنظرية المؤامرة العالمية،و عدو لخلطة الرأسمالديموقراطية،و حالم بالفكرة القومية أدعوك للإستمتاع بهلاوس البارانويا المتقدمة التالية


 ____________________________


إقرأ أيضاً رؤية للكاتب بخصوص هيكلة التعليم و الجيش في المقال التالي :


مدارسنا و جيوشنا بين الماضي و الحاضر و المستقبل  




هناك تعليقان (2):