الأحد، 29 أبريل 2012

" تسليم السلطة " ،، وهم رومانسية الثورات السلمية ، و حمق مدعي الخبرة السياسية






* حقيقة التزوير بأنواعه الثلاثة (مرحلة ما قبل الصندوق ، الصندوق ، ما بعد الصندوق) صعب هذه المرة أكثر حتى من الانتخابات البرلمانية ،،

- و حتى المادة 28 لا يمكن استعمالها بفجاجة كإعلان فوز شفيق مثلا ،، المشهد لا يحتمل هذه الطفولية.

* لكن تشاؤمي الحقيقي لا ينبع من ذلك ،، لذلك التشاؤم مبررين آخرين أراهما حقيقتين  لا تحتملان الجدل و لا التكهنات :

_______________________________________

* الأولـــى :
- أن المجلس متورط في قضايا فساد سياسي و أمن قومي تكفي في ظل محاكمات طبيعية بأن يقتلوا ،، و كل من حمل رتبة لواء لمدة سنتين متورط حتى أذنيه في فساد مالي ،،

- و تطبيقا للمثل "عض كبدي و لا تعض رغيفي" فلا يمكن لكل هؤلاء التخلي طوعا عن نهر المال و الحصانة القانونية و الوضعية الإجتماعية و هم يملكون أدوات القوة !!،،
لن يفعلوا ذلك لمجرد أن عشرة آلاف شاب قرروا الثورة على الفساد !!

- لو لم تهدد مصالحهم بشكل يمثل نوعاً من توازن القوى فلا يمكن لأكثر الحالمين طفولية تصديق إمكانية هذه التوبة النصوح و التكفير عن الذنب !!


* الـثـانـيـة :

- أن تسليم السلطة ليس مختزلا في تسليم قصر العروبة للرئيس الجديد !!

- الأمر أكثر تعقيداً بمراحل ،، و حتى في أرسخ الديموقراطيات و حتى في ظل توافر إرادة تسليم السلطة إلى فصيل جديد لدى الطرفين تستغرق هذه العملية شهوراً ،،


- تخيل أن كل ملف في دولة ( نامية شمولية بوليسية مخابراتية كدولتنا ) مسؤول عنه شخص أو جهاز  ،،

- تخيل ( كصورة ذهنية ) شكل و عقلية و وضع من يقوم  "مثلاً" على ملف مياه النيل ،، و يملك كل تفاصيله و إتصالاته و صلاحيات التفاوض و التوقيع ،،


- تخيل أيضاً من يقومون (كأشخاص او أجهزة) على ملفات : أمن الدولة ،، الحرس الجمهوري ،، المخابرات ،، العلاقات الأمريكية ،، صفقات السلاح ،، تنفيذ بنود كامب ديفيد ،، البترول ،، قناة السويس ،، المطارات و الموانيء ،، الإتصالات ،، البنك المركزي ،، البورصة ،، ماسبيرو و الصحف المملوكة للدولة ،، التأمين الصحي ،، و طبعاً و قبل كل ذلك :  تسليح و تصنيع و تحركات و تعيينات القوات المسلحة ذاتها.


- تخيل أنه من يمتلك مفاتيح ملف واحد من هذه يمكنه : إما أن يحرم الوطن من مكاسب عملاقة ،، بأن يهدرها (كما رأينا في ازمة الوقود) أو ينهبها لنفسه ،،
أو يعيث في الأرض فساداً بالتهريب أو التحريض أو إسقاط أحد دعامات الدولة كالإقتصاد مثلاً ،،


- تخيل ان هؤلاء الأفراد منتقون بعناية من نظام مبارك ( نفسياً و أخلاقياً و حتى أسرياً ) و يدينون له بالولاء النفسي و المالي ،،

و عادة يكونوا محجمين بوقائع فساد لضمان ولائهم ،، و بالتالي أي نظام جديد هو عدوهم بالضرورة ،


- تخيل معي الآن أن واحداً أو أكثر من أصحاب هذه الملفات قرروا أن يلتفوا على سلطة الرئيس الجديد ؟؟

سواءاً كعداء للثورة و ما أتت به ،،

أو حتى فعلاً كتصرف وطني نابع من إعتقادهم الشخصي أن هذا "المستجد" سيفسد الأمور ،، إما لقلة الخبرة ،، أو لأنه سيعادي الغرب "في حال فوز مرشح محسوب على تيار اسلامي مثلا" ؟؟!!


- تخيل أن من يدير مراكز القوى هذه "عمر سليمان" لا يزال في موقعه و لا تمسه يد بسوء عاجلاً ،، أو حتى بتهديد مستقبلي ؟!


- تخيل أن هناك معطيات أخرى أكثر تعقيداً ( مثل علاقات المصاهرة ،، و الضغوط الدولية ،، و العلاقات المادية بين رجال الأعمال و أصحاب الوظائف و الملفات التي ذكرتها) ،،

____________________________________


ضع كل هذه التصورات و الإعتبارات في ذهنك ،،

- و إستحضر الآن معها صورة إثنين :

* واحد يصدر نفسه كرئيس و يطلب منك إنتخابه ،،

* و الآخر هو من ينتظر هذا الرئيس لكي "يـسـتــلـم الــســلـطــة"

- ليحقق أهداف الثورة ،،

- أو ينفذ "مشروع النهضة"،،

- أو حتى لمجرد أن يحمي كتابة دستور وطني ،،


* لن أقول شيء للثاني ،، فلم يخلق الله الناس جميعاً لشأن واحد ، و لكن كل ميسر لما خلق له ،،

* لكني سأقول للأول :

إختشي على سنك و شيبتك ،، مش كفاية انك رشحت نفسك لوظيفة لا تعرف واجباتها و صلاحياتها ؟؟!!
____________________________________

* إما أن تكملوا الثورة و يعود "الصالح منهم فقط" إلى ثكناتهم ،،

أو تعودوا أنتم الى بورصاتكم ،، معتقلاتكم ،، جمعياتكم !!!





هناك تعليقان (2):

  1. مقال رائع وشائق بحق ...أنا برضه كنت بأقول أن أحنا محتاجين نستلم الملفات من العصابة اللى ماسكة ملفات البلد وده للأسف مش سهل على الاطلاق
    شكرا مقالك كيفنى جدا

    ردحذف