* قرأت بالأمس مقالاً لكاتب و منظر سلفي يتحدث فيه
عن "علمانية" مسلسل (عائلة ونيس) تجدونه على الرابط التالي :
المقال رغم أنه "موضوعياً" وصف ممارسة
حقيقية في المسلسل و هي عدم تضمين "الــدين" كمنظومة موجهة للأخلاق ،،
لكن المقال غير مبرر "شــكلاً" :
- فالمقال صادر "من غير ذي صفة" في شأن ما يطرح !
-
و المقال يخالف آداب النقد لكونه "مجتزأ" ينقد تفصيلة واحدة مضمنة في السياق دون أن يلحقها بنقد تفصيلي أو
توضيح يفيد أن نقده ذلك يختص بجزئية مختارة لأهميتها لا بكل المسلسل ،
- و المقال مبني على أنه يقدم لقارئه كلمة العلمانية "كسُـبّة" يجب على من
يسمعها أن يستنكر أي شيء متعلق بها !
يمارس الكاتب بإستخدام المصطلح هنا "إرهاباً فكرياً" بأن صادر على القارىء حقه في التفكير و ذلك بتهييج مشاعره دون أن
يشرح له ما هو سبب أن تلك العلمانية سيئة !
شخصياً لا أتبنى العلمانية كفكر ،، لكني كذلك أرى
أنه من المعيب محاولة إقتناص "نقطة تفوق
حوارية غير مستحقة" من مجرد تصدير
مصطلح يخاف الناس من نقد ناقده !
*
لام الكاتب على صناع المسلسل أن البطل لم يوجه أبناءه و لو مرة واحدة لأهمية أي عبادة ،
بينما إعترف أنه وجههم لكل الأخلاق ،
لكن بدون ربط ذلك بإلزام ديني !
1-
و أتعجب لماذا ينكر عليه ذلك بينما هو يعلم أن المسلسل يخاطب "مجتمعاً" عربياً متعدد
الديانات !
فما الداعي أن يمنع المسلسل رسالته الأخلاقية عن شريحة
تمثل "خمس" الجمهور المخاطب التي تقريباً ؟!
2-
أتعجب لماذا ينكر عليه ذلك و هو يعلم علم اليقين أن رسالة الإسلام إنما هي (الأخلاق) كما يفيده بشكل واضح
"الحصر" بتركيبة صيغتي "النفي و التخصيص" في حديث رسول الله عليه الصلاة و السلام :
(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) !!
3-
أتعجب لأنه يعلم أن ديننا (أخلاق ، و شعائر تعبدية
، و عبادات لإصلاح المجتمع ، و تشريعات إجتماعية ، و محددات إقتصادية و سياسية) و مع ذلك يلوم - ضمنياً - على "المسلسل العلماني" - كما وصفه - أنه علم الناس (الأخلاق ، و الإصلاح ، و التشريعات الإجتماعية) و لم يعلمهم (الشعائر ، أو الحاكمية) !
-
و نسي الكاتب أن التيار السلفي - الذي ينتمي إليه و
الذي إحتكر المنابر لثلاثة عقود و يمتلك عشرات القنوات الفضائية و دور النشر - قد إكتفى
في معظم خطابه الديني بتعليم الناس "السنن" وخصوصاً المظهرية منها (اللحية و النقاب) ،
تاركين نشر فرائض طلب العلم و السعي في الأرض للتفكر و التدبر ،
و مشوهين فريضة الجهاد إما بحصر فريق منهم
لها على "قتل الكفرة" !
أو بتمييعها من فريق آخر في مجرد "جهاد النفس" ،
بلا حتى أدنى إشارة إلى (خير الجهاد) الذي هو "مقاومة الظلم و الظلمة" !
-
أهملوا توعية الناس بأوليات فهم القرآن من تفسير و لغة ،
و أساسيات الفقه من مثل أحكام الزكاة و الطهارة ،
و أغرقوا الناس بسنن العبادات التي بين العبد و ربه
من تلاوة ، و ذكر ، و قيام ليل ، و صيام النوافل ، و المراوحة بين العمرة
و العمرة !
-
تركوا بحث و نشر فقه المعاملات السياسية و كثير من المعاملات الإقتصادية ،
و عندما إجتهدوا فيهما بعد الثورات الحالية فتنوا الناس
في دينهم و ، معائشهم ، و أمنهم من فرط تخبط "العلماء" الناتج من خليط
الجهل المقاصدي ، و ضيق الثقافة ، و الجبن عن التجديد !
* إختلف
معي أو إتفق في أي مما سبق ،
-
إرمني بالتهمتين السلفيتين الجاهزتين للتملص من أي حوار ، التهمتين عديمتي العلمية
أو المنطقية : "التعميم" و "عدم الإنصاف" !
-
لكني لا أعتقد أننا سنتجادل في عدم أخلاقية أن تطلب من مصلح آخر أن ينفذ لك أحلامك برؤيتك الخاصة ، بينما تكتفي
أنت بمجرد الفرجة و النقد !!
-
أعتقد أنه لا كرامة في أن تفعل ذلك خصوصاً أن ذلك المصلح الذي تسلقه بلسانك لم يطلب منك
أي مقابل و لم تتبرع أنت
لمعونته !!
*
مسلسل (سنبل) كان سببا "وحـيداً" في وعي الشعب المصري بأهمية التوجه للصحراء ،
و كذلك أضاف لأهل الوادي فهم القومية البدوية المصرية ،،
-
و مسلسل (عائلة ونيس) في رأيي هو ما كون معظم الوعي الجمعي الأخلاقي لمواليد السبعينات و الثمانينات ،
بأن حافظ على وجود جرعة تقويم سلوكي إختفت من منبعيها الأصليين
: (الأسرة) لإنشغال الوالدين و (المدرسة) التابعة لوزارة "التعمية و التجهيل" !
-
و أعتقد ذلك المسلسل مع مسرحيات "صبحي" السياسية هما ما كونا بذرة الثورة على الظلم في هذه الأجيال ،،
* فشكراً
مستحقاً لمحمد صبحي رغم إختلافي السياسي و الأيديولوجي العميقين معه !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق