السبت، 7 سبتمبر 2013

عن الجهلين المتقابلين بالفرق بين المقاصد الأصلية للحياة و وسائل تحقيقها،وحماقة وهمي الجهاد في سبيل الدين والموت في سبيل الوطن




كتبت في  28 يوليو 2013



* نقع اليوم فريسة لجهلين،
على ما يبدو هذا سيكون قدر هذه البلاد لفترة ستطول!

- جهل (وهم الجهاد في سبيل الدين) ،
- و جهل (وهم إفناء النفس من أجل الوطن) !!

* الفكرة بسيطة و لكنها ملتبسة لأن الجميع تقريباً يعاملها بمشاعره لا بعقله ، فالأصل - ديناً ،، و منطقاً ،، و فطرةً - أن الغاية الأساسية في الدنيا هي :

- حفظ الحياة الفردية (وجوداً و جودةً) ،،
- و حفظ الحياة العامة (إعمار الأرض و إقامة العدل) .


* فإذا أتينا لفكرة (الجهاد في سبيل الدين) لوجدنا فيها خلطاً رهيباً :

- فالأصل أن الدين نزل ليحسن حياة البشر ، لا أن البشر خُلقوا لكي يحرسوا وجود الدين !
الدين مهمته هي نفس الغاية الأساسية البديهية في الدنيا :
حفظ الحياة الفردية (وجوداً و جودةً) و حفظ الحياة العامة (إعمار الأرض و إقامة العدل) ،
و يزيد له مهمة أخرى هي أيضاً حفظ لجودة الحياة في الآخرة بالتنعم في الجنة إن إتبعت هذا الدين.

- لكن اليوم - من كثرة إبتذال معاني الجهاد و نصرة الشريعة على ألسنة سفهاء بلا عقول أو بلا ضمائر - حسب البسطاء أن "حماية الدين" واجب دونه الرقاب !!
لم أفهم حقيقة من إستأمنهم هذه الأمانة الوهمية !!

فليس للدين "شخصية إعتبارية" لكي يحتكر أحد الدفاع عنه ، و ليس له "ممتلكات مادية" حتى نحميها بأجسادنا !!
ليس للإسلام عناصر تستدعي الحماية سوى القرآن الذي فيه تبيان رسالته ، و الكعبة التي حولها نطوف ،
و القرآن وعدنا منزله بحفظه ، و حرمة الدم أعظم عند الله من مبنى الكعبة !!

- ما أعرفه أن الدين ضرورة لحياة "أجود" و مجتمع "أعدل" ،
و ما أعرفه أن من يطلب الشهادة يجب أن يطلب الموت في سبيل "الله" و ليس في سبيل "الدين" !!
و ما أعرفه من طرق الموت في سبيل الله فيما يتعلق مباشرة بالدين هما طريقتان :

أن تموت في سبيل حريتك الشخصية في ممارسة دينك في نفسك و ما تملك إن حاول أحد سلب تلك الحرية منك ،،
أو في سبيل إيصال دعوة هذا الدين للآخرين حباً في أن يهديهم الله لخير الدنيا و الآخرة فتموت و أنت تؤدي تلك الأمانة .

- أما أن تموت و أنت تحاول "إجبار" آخرين على إعتناق هذا الدين أو الإلتزام به رغم أن منزل الدين جل قدره قال {فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر} و قال {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}
فإعلم أنك في ضلال و حماقة ، و ميتتك في باطل ، و حسابك عند ربك هو يرانا بعين حكمته و هو يحاسب على النوايا !!


* نفس الجهل يقع فيه الشوفينيون من عباد الأوطان ، و الديماجوجيون المستغلون لهذه الحماقة !!

- فالأصل أن الوطن "مأوى" لحياة آمنة ، و "موارد" لتلبية متطلبات تلك الحياة ،
و ليس الأصل أن وجود المواطن في الدنيا هدفه الأكبر هو "الدفاع عن وطنه" !!

- الوطن - هو الآخر - وسيلة لتحقيق الغاية الدنيوية الأساسية البديهية - التي هي كذلك وظيفة الدين - :
حفظ الحياة الفردية (وجوداً و جودةً) و حفظ الحياة العامة (إعمار الأرض و إقامة العدل) ،،

- فإذا هدد الوطن عدو دافعنا عن الوطن بأرواحنا ،،
ليس من أجل التراب و الماء ،،
لكن من أجل "حفظ حيواتنا و حياة مجتمعنا كريمتين" فوق تلك البقعة من الأرض .

- و إذا حل بذلك الوطن "كارثة طبيعية" حاولنا علاجها ما إستطعنا من باب إعمار الأرض لإقامة سبل الحياة ،،
و إذا قام في الوطن فساد و طغيان قاومناه من باب إحقاق الحقوق و دفع الظلم و صناعة بيئة جيدة حتى نبني مجتمع جيد ،،
فإذا إستحال إصلاح البيئة الطبيعية أو الأخلاقية و كان الضرر من الوجود في الوطن محققاً و بلا نفع ينتظر فأرض الله واسعة فلتهاجروا فيها !!

- لكن للأسف اليوم كثيرون - من فرط الطيبة و الجهل - يعتقد كثيرون أن البقاء في الوطن حتى الهلاك مرضاً أو ظلماً هو واجب مقدس و فضيلة الفرسان !!
و لا أعلم لذلك سبباً منطقياً يحترم !!

كل ما أعرف أن أصل الفكرة ولد من رحم "قبلية بدائية" في الشعوب الأولى ،،
و "أفكار معلبة" صنعها مفكروا حقب الحداثة بعد ترسيم الحدود الدولية لتبرير الوحدة بين المختلفين ،،
و مخاطر حقيقة طور عليها "حكام عسكريون" شعارات خاوية مفرطة في المغالاة ليبرروا وجودهم في الحكم بدعوى أن الوطن في خطر !!



* الدين و الوطن "وسيلتين" لحفظ حياة الناس و أمن و رخاء المجتمع ،
و ليستا "غايتين" نضحي بأرواحنا من أجل وجودهما المجرد من مصالحنا ،،

- فإن فشل الدين المنزل في تلكما المهمتين فيجب مراجعة أصوله لنزيل عنه ما دُس فيه من خَبَث فأفسده ،،

- و إن فشل الوطن فيجب علينا التفكير في كيفية إصلاحه ما إستطعنا ،
فإذا إستحال ذلك تركناه إلى أرض أخرى ،
و لنسمها من جديد :

"الوطن" !!


_________________________________



يسألك و هو يضيق جفنيه ليتقمص تذاكي المراهقين ذلك السؤال الإستدراجي مع إبتسامة متحذلقة و تحفز جسدي يحاول إجبارك على الإسراع بالإجابة :

- ربنا عرفوه بالعقل ،، و لا عرفوه بالرسل ؟
- طيب إنت ولاءك للدين ،، و لا للوطن ؟
- يعني خلاص نسيب الثورة ،، و نلعب سياسة ؟
- هوا 30 يونيو ثورة ،، و لا إنقلاب ؟
- إنت شايف (فلان السياسي) حلو ،، و لا وحش ؟

* و السبب في هذا المنظور هو أن الفكر الطفولي البسيط الذي يتبناه أصحاب تلك المعارك لا يمكنه إدراك فكرة (التكامل) بين الأمور المتقابلة في التوجه أو حتى المختلفة الأهداف ،

- و لا يدركون فكرة (النسبية) في كل دوافع و خصال البشر و أن كلنا يحوي في نفسه الخير و الشر معاً لكن بنسب مختلفة !

- و الحياة كلها عندهم (أن من هو ليس مثلي فهو خصمي) ،
و (الأمور المتخالفة يجب قطعياً أن يكون أحدها هو الفضيلة و الآخر - بديهياً - هو أرذل الرذائل) !

* و لي إن شاء الله مقال مطول قريباً حول تحليل هذا النوع من الفكر :
(الفكر المسطح المستقطب) الذي أضيفت له حديثاً صفة (التطاول) على من هم أطول منه قامة فكرية !


_________________________________

* سلسلة مقالات عن الإنتماء للوطن بين الوهم و الأفورة و التفريط و الخلط



أنا ممتن و شاكر لمصر وطناً وعاصمة وشعباً وحكومات بنفس قدر إعترافي بفضل كل مصائب الحياة !

(أنا مصري) ، أو (أنا سعودي) ، أو (أنا سوري) !!

يعنى إيه مصري ؟ إلى ماذا يجب أن ننتمي و لماذا ؟

وهم الوطن و طفولية الفخر بالأجداد





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق