الاثنين، 1 أبريل 2013

لا يوجد في الإسلام أمر "واجب فقهياً" بخصوص أي مشاعر،إنما نحاسب على "طريقة تعبيرنا" عن تلك المشاعر بالقول و الفعل






* الفرق بين "المشاعر" و "التعبير عن تلك المشاعر" هو مثار لغط فقهي قديم و عميق و كبير من وجهة نظري ،،

- كثيرون يعتقدون أن هناك مشاعر "واجبة" شرعاً ،

فالبعض يعتقد - لجهل منطقي مع غزارة معرفية - أن من عقائد الولاء و البراء "وجوب كره" غير المسلمين !!
و البعض يعتقد - لجهل فقهي كامل - بوجوب حب الوالدين و الأبناء و الزوجة و الوطن !!

* "المشاعر" يا سادة فيما فهمت من ديني هي أمر "مباح" و ليست أمراً "واجباً" ،،

- لا أنكرها ،، و كيف أفعل و هي حق لكل بشري بحكم الفطرة  !!

- لكني لا أرى في حصول أي مشاعر أيا كانت أو تركها "إثماً" !!

- و لا أرى - منطقياً - "أجراً" سنحصل عليه في الآخرة يقيناً كمكافئة على تبني مشاعر بعينها ،،
و إن كان ذلك ليس لعبد القطع به ،
فالله - الرحمن الرحيم الذي هو أحن على عبيده من الأم على ولدها و الذي هو أيضاً مطلع على السرائر - قد يستخدم بعض ما لا يفهمه الناس في الآخرة "فقط" في رحمتهم ،

فكما وعدنا سبحانه بشفاعة قد لا نستحقها "حسب منطقنا البشري" ،
و كما يضاعف الله الحسنات لمن يشاء ألوف الأضعاف " و لكنه تعالى لا ينقصها مثقال ذرة" ،
فقد يثيبنا الله على المشاعر الجيدة "فقط" من باب "الرحمة" و ليس من باب "الإثابة" لأنه تعالى لم يأمرنا بها أو ينهنا عنها فيترتب على ذلك "وجوبها" الذي بدوره نأثم لتركه و نثاب لإتيانه !


* خلاصة ما سبق أنني أقول بأنه :

"لا أمر و لا نهي في الإسلام بخصوص أي مشاعر" ،،
ببساطة لأن ذلك يتناقض مع الثابت من كتاب الله :

{لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} ،،

و ليس من البشر من يسعه إتمام التحكم في مشاعره ،،
لكن كل البشر الأسوياء يمكنهم التحكم بشكل مقبول في "طريقة التعبير عن هذه المشاعر" ،
و طريقة التعبير هذه ما أراه مناط "الوجوب" أو "النهي" و بالتالي "الثواب" أو "العقاب" .


* البر و القسط اللذان أمرنا بهما حتى للكافرين غير المحاربين لنا هما منتجان طبيعيان للمحبة ،،
لكن يجوز حدوثهما دون محبة من باب إحقاق الحقوق كما يبر المرء والده الذي يكرهه !

لكن إنعدام الإقتران اللصيق بين (البر و القسط و بين المحبة) لا يعني بالضرورة أن الآية الثامنة من سورة الممتحنة تأمرنا -ضمنياً - "بعدم حب الكافرين" !

- بل الآية تقر "واجباً" مباشراً بإقامة الإحسان و العدل مع الجميع ،
و لا ادري لماذا أقحمها من أقحمها في أمر الإستدلال على وجوب مشاعر ما كما فعل الخصيمان ،
فأحدهما يدلل بالآية على "وجوب الكره" ، و الفصيل الآخر يدلل بها على "وجوب المحبة" !!

- { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ( 8 )}


* طريقة التعبير عن الحب هي "المودة" ،،
و لكنني قد أحب أحداً و لا أوده من باب "البخل" مثلاً !!
و كذلك المودة قد تنتج من "نفاق" و ليس من حب !!

- و طريقة التعبير عن الكره هي "العداوة" ،،
و لكنني قد أكره شخصاً و لا أعاديه مثلاً من باب "الكسل" !!
و قد أعادي شخصاً لا أكرهه من باب "نصرة المظلوم" مثلاً إذا كان من أحب هو ظالمه !!


* فلتحب و لتكره أو حتى فلتقتل كل مشاعرك كما تشاء ،،

- ما ستحاسب عليه هو ما (خرج للناس) منك من عمل "قولاً و فعلاً" ،،

- أما (ما أسررت في نفسك) من "أفكار و مشاعر" فلا أعرف في ديننا ما يفيد أنك محاسب عليهما ما لم تطورهما أنت إلى "نوايا" تبني عليها "أعمالك" !








- كثير ما نسمع من يدعو لوجوب (التوازن بين العقل و المشاعر) ،، في نفس الوقت الذي يقول فيه نفس الداعي أن المشاعر هي (أحاسيس سامية لا تضاد بينها و بين العقل) !!

الحقيقة أن ذلك إعتراف ضمني بالتضاد بين العقل و المشاعر !!
فلا توازن بين "متماثلين" ، لكن التوازن حصراً يكون بين "متعاكسين" : (الحمض و القلوي - المفترسون و الفرائس) ،،
و كل ما هو ضد العقل هو بالضرورة "حمق" و "سفه" ،،
إلا ما لا يستطيع العقل نفسه إستيعابه فيكون ذلك خارج النقاش و التوصيف ،،

- و المشاعر لا تكون إلا "عمياء" ،، فالأصل فيها أن الفعل يسبق الفكر ،،
نحن "نشعر" أولاً ،،
ثم "نفكر" هل هذه المشاعر جائزة أم لا ،،
ثم "نميز" هل يجب إظهار هذه المشاعر أم لا ،،
ثم "نحدد" درجة التعبير "بالفعل و القول" عن تلك المشاعر .

- إذا فالأصل فيها العمى ،، فمن يرضى أن يكون دافع حياتهه و موجه طريقه أعمى ؟؟!

* الأمر في الحقيقة لا أرى له وصفاً إلا بأن المشاعر "سفه مباح" ،،
طالما ظلت تحت رقابة العقل و لم تتجاوزه الى "الحمق" أو "المعصية" .







_______________________________




________________

مقالات أخرى حول الموضوع لنفس الكاتب :


( المشاعر في الإسلام ،، بين دعاة "بغض" الكفار ،، و "تقديس" الرومانسية ،، و الحب الأسري )



نظرتي لملمح من العقيدة المسيحية بين المحبة و البراجماتية



(لا يوجد في الإسلام أمر "واجب فقهياً" بخصوص أي مشاعر،إنما نحاسب على "طريقة تعبيرنا" عن تلك المشاعر بالقول و الفعل)


النصارى الكلمة المختلف على معناها مع أن المعنيين جيدان،و التشاحن حولها ليس إلا "واجب عرب" يقدمه كل لدينه بدون تفكير أو إحسان ظن بالآخر



كل عام و أنت بخير يا صديقي و جاري و شريكي المسيحي بعيدك رغم أنف السفهاء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق