إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

موضوعات الكتابة على هذه المدونة

30 يونيو (17) أخطاء لغوية (2) أخلاقيات (24) إخوان (24) البرادعي (1) التجديد و المذهب الصيامي (12) السيسي (4) الشرق الأوسط (3) الطب في بلاد الجهالة (2) المذهب الصيامي (20) المفضلة (13) الهيمنة الأمريكية (5) تجديد إسلامي (6) تجديد صيامي (20) تحليل سياسي (67) تدوين و توثيق (16) تربية (5) تصحيح إجتماعي (49) ثقافة إشتباك (45) ثقافة ثورية (45) ثقافة ثورية رد أكاذيب السياسة (2) ثقافة حوار (7) ثورة فكرية (32) جماعات إسلامجية (25) حراك 25 يناير (9) خطايا مبارك (14) خواطر (10) دفع فساد زمن الفتن (42) رابعة (1) رد أكاذيب السياسة (44) رد أكاذيب بإسم الدين (25) رد فتن التاريخ (8) سفاهات العرب (6) سفاهة الديموقراطية (14) سوريا (5) شرح الديكتاتورية (6) ضلالات الخلافة (2) ضلالة وجوب الإحترام اللفظي الزائد (1) طرق تفكير (2) عن الإخوان خطايا و طبيعة (18) عن كرهي للقراءة الطائشة (2) فكر جديد (24) فلسفة (14) فلسفة طبية (1) فهارس المدونة (9) قانون و دستور (2) قصص قصيرة (3) لقاءاتي المتلفزة (4) مصائب العولمة (4) معلومات طبية (1) مقتطفات (4) نظم حكم (5) نقد السلفية (1) نقد العلمانية (1) وجوب الديكتاتورية (2) My articles in english (6)

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

كل عام و أنت بخير يا صديقي و جاري و شريكي المسيحي بعيدك رغم أنف السفهاء






- أهنئكم جيراني و زملائي و أصدقائي المسيحيين بعيدكم ،
سأناديكم بالمسيحيين أو الأقباط أو بأي إسم تحبون ،
حتى و لو كانت كلمة "النصارى" في معناها و في مغزاها أكثر تقديراً لمن ناصروا المسيح عليه السلام ،
لكني سأناديكم كما علمتني أخلاق ديني أن أنادي الناس بأحب أسمائهم إليهم ،،

- أهنئكم كما علمني ديني أنكم أكثر أهل الأديان لنا مودة و قرباً ،
و كما علمني أن أود كل الناس بحق الإنسانية ما لم يعادوني ،
و كما علمني أن أود جاري أكثر من باقي الناس ليتحقق الود و التآخي في المجتمع ،،

- أهنئكم كما يقضي العقل السليم من التقارب مع الشريك و صناعة الحليف ،
و ليس كما يفعل الحمقى من مختلقي الخلاف و الباحثين عن العداوة ! ،،

- أهنئكم كما تلهمني الفطرة السليمة من المودة التي زرعها الله في نفوس البشر ،
ثم أنزلها في أديان نتعبد بها معاً كل على طريقته و إيمانه ،،

- أهنئكم كما يملي النبل و النخوة من إحترام مشاعر الآخرين و مقدساتهم ،
و ليس كما تمليه الخسة من إغاظة الآخر و الإستقواء عليه !
و أعتذر إليكم عمن ترون منه مثل هذه الخصال الرديئة الموجودة في كل مجتمعات البشر ،،

- أهنئكم كما تستحقون ، فلم أر منكم على نفسي أو وطني  غدراً ، و لا قتلاً ، و لا إتهام زور ،
بل رأيت ممن عرفت منكم دوماً التسامح ، و السبق بالمساعدة عند الحاجة ، و بالمودة عند كل عيد للمسلمين ،،

- أهنئكم ليس إعتقاداً مني فيما تحتفلون به ،
فأي عاقل يعرف أن إنتظار ذلك ليس وارداً من عاقل آخر على عقيدة أخرى ،،
لكني أهنئكم بسعادتكم ذاتها ، و أبتسم لإبتسامتكم ،
فتلتقي البسمتان لتصنعا جسر المحبة ، و توطدا بنيان المودة ،
فتصبح أنت سعيداً بوجودي إلى جانبك ،
و أصبح أنا مطمئناً لأنك ستكون هناك يوم أحتاج لمن يضاعف لي فرحتي بعيدي بإبتسامته المهنئة ،
أو يقاسمني همي في مصيبتي بأخلص تعازيه !!




_________________

مقال تفصيلي حول الموضوع لنفس الكاتب :


( المشاعر في الإسلام ،، بين دعاة "بغض" الكفار ،، و "تقديس" الرومانسية ،، و الحب الأسري )





(لا يوجد في الإسلام أمر "واجب فقهياً" بخصوص أي مشاعر،إنما نحاسب على "طريقة تعبيرنا" عن تلك المشاعر بالقول و الفعل)







نظرتي لملمح من العقيدة المسيحية بين المحبة و البراجماتية




الاثنين، 24 ديسمبر 2012

"سـلـمـيـة" و عبط جيل كامل !!






* كان مرة في إختراع إسمه "ثورة سلمية" ،،
ده مش بتاعنا ،، ده بتاع غاندي على فكرة ،،
و معناه إنك حتى لو اللي قدامك إعتدى عليك و عاملك بعنف ، برضه إنت تتعامل "بسلمية سلبية" ،، يعني تفضل ثابت مكانك و متحاولش حتى تدفع أذاه ،،

هي دي فكرة الباشمهندس غاندي و هو حر ،،
لكن هوا نفسه غير الفكرة دي ،، و بلده ما إتحررتش "بالسلمية" لوحدها لكن أدمج معاها طريقتين للمقاومة :
"المقاطعة الإقتصادية لبضائع المحتل" و "الإضراب عن العمل للضغط على السلطة الحاكمة" ،،

* بعد 100 سنة من تجربة غاندي ظهرت في شمال أفريقيا تحركات شعبية ثورية تلقائية (أو مخططة الله أعلم) ،،
و الظروف قدراً (أو تخطيطاً الله أعلم برضه) حولت التحركات دي لثورات لخلع الحكام ،،
و اللي خرجوا لقوا في وشهم شرطة رافعة عليهم سلاح ،،
فعشان يحرجوا الشرطة هتفوا بكل سذاجة و طفولية بكلمة إستخدموها بشكل غير دقيق و غير عملي  :
(((--- سـييـلمـييياة --- ))) ،،

- الكلمة عجبت الناس عشان شكلها "كيوت" و مؤدبة - و إحنا شعب مؤدب لدرجة مرضية مع القوي بس ، لكن مع الضعيف جبابرة - ،،
و الكلمة كمان بتبين إن إحنا ناس عدانا العيب و مش إرهابيين وحشين و لا غوغائيين جايين ناخد بالتار من اللي قتلنا و إغتصبنا و سرقنا عشرات السنين !!!
إحنا بس هنقعد نهتف و نزعق : ( إييييرحال ،، إيييييرحال ) و ( ياسكوت ياسكوت حكم فلان ) ،، يقوم الظالم ،المجرم ده ، اللي في إيده كل خيوط اللعبة جوا و برا ، يتخض يا قلب أمه ،، "فيرحل" و "يسقط" على طول !!
و يقوم متأسف لنا و يسلمنا إحنا كثوار  "كـيوت" الحكم ،، أو يسلمه لحد طيب زي الأستاذ كمال أبو رية أو الأستاذ محمود الجندي ،، و الطيب ده ينفذلنا مطالب ثورتنا "الكيوت" !!

- الشرطة سمعت (((--- سـييـلمـييياة --- ))) قامت ضحكت في كمها على الفقرة الكوميدية دي ،، و قاموا معمرين كل الأسلحة و نزلوا فيهم قتل و ضرب و سحل و غاز ،، و كمان خطف و تعذيب !!!

- كرد فعل طبيعي ناس هربت و نفدت بجلدها ،،
و ناس إتعاملت مع الموقف برجولة و حاولت توقف الشرطة و بلطجيتها اللي بيعتدوا على الناس في الشارع ،،
و بعدين لما ما نفعش قامت نفس الناس نفسها حاولت تضرب الظلمة دول عشان ترجعهم ،،
و بعد ما نجحت و رجعتهم كملت وراهم عشان تدفع أذاهم لمسافة تأمن الناس من شرهم ،،

- شوية الأبطال اللي قرروا يردوا على الإعتداء بالمقاومة هما بس اللي دفعوا الثمن من عيونهم و أجسادهم و حتى أرواحهم ،،
لكن الشوية اللي فلقوا و خدوا ديلهم في إسنانهم عقدوا يهتفوا من وراهم تاني (((---  سـييـلمـييياة --- ))) !!
مرة عشان يغطوا على شغل الأبطال اللي جوا و الكاميرات تصورهم و هما بيقولوا "سلمية" ،،
و مرة إعتراض على شغل الأبطال دول عشان عايزنهم يبطلوا "اللا سلمية" الوحشة بتاعتهم ،،
"الكيوت" كانوا عاوزين الأبطال يرجعوا يغنوا و يرقصوا و يتجادلوا معاهم في "ميدان المسالمين الكيوت الرغايين اللي عمر ما حد فيهم إقتنع برأي التاني" !!

- أحياناً الأبطال - من كتر الإلحاح و التوسل اللزج - كانوا بيستسلموا لرأي "الأغلبية الكيوت" و يرجعوا من قدام الأمن و يخسروا أرض  ،،
و طبعاً لأن ده ضد أبسط قواعد الإشتباك اللي يعرفها كل كائن حي مش بس البني آدمين ، فكان الأمن بيهجم على كل اللي في الميدان - ثوار أبطال و كيوت -  و يلبهم "كلهم" العلقة المتينة !!

- طيب الموضوع ده لما يتكرر أكثر من مرة مش المفروض الكائنات الحية تتعلم الخدعة ؟!
أبداً يكرروها بدل المرة عشرة ، و كل "أفندي" بيعدي على الميدان "صدف و جمايل" يقعد يفتي إن الناس اللي قدام دي لازم ترجع !!

- طيب نقول : يا جدعان مفيش و لا ثورة سلمية نجحت في التاريخ كله ،، برضه يهتفوا (((--- سـييـلمـييياة --- ))) !!

- طيب يا جدعان ماشي سلمية سلمية بس سيبونا على الأقل نمنعهم إنهم يدخلوا يضربوكوا خرطوش و غاز ،،
يقولوا "لأ ،، هما لما يلقوكوا بطلتوا هيبطلوا هما كمان ،، دول إستحالة يدخلوا الميدان" !!!
و طبعاً بعد الكلمة دي ما بتتقال ،،  أبطال الثوار اللي الأمن ما أصابوهمش بيجيلهم جلطة أو شلل رعاش !!!!!

- و هنا يأتي السؤال الحقيقي :

إنتوا ليه مصممين بكل الإصرار و التفاني أن ثورتنا في التاريخ تحت مسمى "أغبى و أفشل ثورة في العالم" ؟؟!!

______________________________

( أعتذر لإستخدام اللغة العامية ، و أرجو - لطفاً - قبول عذري حتى و إن كان غير مسبب)




لا يوجد ما يسمى بالتغيير السلمي في دولة بلا قانون ،،
هذه بدعة (الربيع العربي الفاشل) ،، و هي فكرة بدعتها عقول متآمرة في دول كانت تملك أن تغير لنا بشكل مباشر لأنهم من يعينون حكامنا ،،
هذه البدعة مصممة خصيصاً لخلق حالة اللاحالة التي يعيشها الشرق الأوسط عدا إسرائيل ،،

- التغيير إما منهجي سلمي سياسي أو إجتماعي في دولة راسخة القوانين لأن تلك القوانين تتيح للجميع معرفة أدوات اللعبة ،،

- أو تغيير مسلح في الدول التي تشبهنا،

- أو إنتظار التغيير من عند الله أو الهجرة إن إستحال إيجاد قوة كافية لكل من الإنقلاب المسلح و للحفاظ على أمن المجتمع بعد ذلك !


من فضلكم لا تلوكوا لقمة فاسدة تم مضغها و بصقها خمس مرات !!!!




الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

الكبر و الغباوة المصرية بين نزيف غرفة الإستقبال و مهالك سياسة الإستهبال





* أرى هذا الوطن - من عيني كطبيب - تماماً كمريض جاهل ، مسن ، مبتلى بأمراض مزمنة ، و هو أيضاً في هذه اللحظة ضحية حادث إعتداء ينزف من طعنات متعددة ،،

- و بينما الطبيب المعالج مهتم بترتيب أولويات علاجه ،،
و بإستقرار دورته الدموية حتى لا يموت من النزيف ،،
و بتقييم خطورة الجروح و هل أصابت أنسجة مهمة أم لا ،
و بتوفيق الجراحات و الأدوية التي سيستخدمها في العلاج مع حالات المريض المزمنة السابقة ،،

بينما هو يفعل كل ذلك يصيح المريض بأحدى الجملتين الغبيتين اللتان تذهبان بعقل الطبيب حينها :
"أنا مباخدش حقن مهما حصل" ،، "الجرح ده هيبقى كام غرزة ؟" !!!

- رد الفعل الطبيعي قد يتراوح بين الشفقة برد مريح و بين الشخط بلفظ قبيح ،، مروراً بالصمت أو الإبتسامة الصفراء !!!

- و رد الفعل الطبيعي للمريض على رد الفعل السابق قد يكون الإستسلام أو مزيداً من السخافة متراوحاً بين الصمت و بين "إنت دكتور حمار و مش عاوزك تعالجني" !!!

- و عند الوصول لمستوى الجملة الأخيرة أو ما شابهها من ألفاظ أو حتى نظرات أفضل - أنا شخصياً - التوقف عن علاج المريض ،،
ثم شرح حالته له بإختصار و ما قررت أن أعالجها به ،،
ثم أطالبه بأحد خيارين :
إما أن يمنع الكلام و الحركة تماماً لأكمل عملي ،،
أو أن يترك المستشفى بعد أن يوقع لي على إقرار "خروج حسب رغبة المريض" من المستشفى حتى أحفظ "حقي" في عدم مسائلتي قانوناً على سماحي له بالخروج !!

- عادة هذا المريض سيقع في مشكلة من إثنين حسب مستوى كبره :

إما سيذهب إلى بيته مغاضباً فيموت من جراء الإصابة أو من جراء مضاعفاتها ،،
أو سيتلقفه "نصاب طب" في حجر ما ليعالجه بمزيج من الجهل و النصب !!


* اليوم ما يحدث في هذا الوطن يشبه ما يحدث في كل غرفة طوارىء في مصر مهما إختلفت الحالة المادية و الديموغرافية :

- مريض ينازع لكنه "فكيك" و أكثر كبراً من أن ينصاع لنصيحة المختص ،،
أو "جاهل" و أغبى من أن يستوعب أن هناك خطر على حياته لو لم يتبع رأي من هو أعلم منه في أمر صحته !!

* الناس تخطىء في إختياراتها السياسية ،،

- فيتبرع "نخبة" منهم ليرشدوهم ،،

- فيستكبر الناس بمزيج من "الفكاكة" و "الجهل" عن سماع النصيحة ،
و يتبعون إما أهوائهم ،
أو يتبعون من بيده "عصا" السلطة ،
أو يتبعون من يملك "جزرة" الزيت و السكر ،
أو يتبعون من "ينصب" عليهم بإسم الدين ، عن كل دين أتحدث !!

- ثم يذوق الناس ويلات إختياراتهم "فيكابرون" لفترة ،

- ثم تصبح المعاناة مرة لدرجة لا يمكن معها أن تحتفظ بإبتسامة المجاملة - التي تتصنعها و أنت تمضغ طعاماً مقرفاً في عزومة قدمها لك مدير عملك - ، فيلقون اللوم على "النخبة" أنها لم "توعيهم" بالقدر الكافي !!

- ثم يذكرهم النخبة أنهم وعوهم لكنهم كانوا منهم يسخرون ، فلا يجد الناس حلاً سوى أن "يسبوا" النخبة ! تماماً كما وصف المريض الطبيب بأنه "حمار" ،، ثم "يرفص" الناس في وجه نخبتهم بأي حجة كانت ، و لتكن قلة تدين هذه النخبة مثلاً !!

- و حينها سيتلقف الناس "نصاب سياسة" فيغريهم بأنه "شعبي" مثلهم و ليس متكبراً مثل النخبة ، و أنه "بتاع ربنا" و ليس فاجراً مثل النخبة ، فيطيعوه فقط من باب "تغطية خيبتهم" لأنهم على أي الأحوال لا يستطيعون "علاج" مشاكلهم بنفسهم و في نفس الوقت خسروا "طبيباً" نابهاً يتمنون لو يرجعون إليه لكنهم سدوا على أنفسهم ذلك الطريق بأن وصفوه بأنه "حمار" !!


* لا بد - إن كان هناك أمل في العلاج أصلاً -  أن يستسلم هذا الوطن لأطبائه الذين ينصحونه بناءاً على علم ،، و ليس بناءاً على إستغلال فقر أو مشاعر ،،
و كثير من هؤلاء الأطباء يؤدي عمله بغير إنتظار شكر و لا مكافأة من مريض ، فلا ترهق نفسك عزيزي المواطن بحساب أتعابه فهم متنازلون عنها !!

* و عن نفسي - كطبيب أشخاص و مجتمعات كما أحسب نفسي -  سأتعامل مع الواقع "المريض" لحال هذا الوطن بنفس طريقة تعاملي مع المصاب في المثال السابق تماماً :

- سأحاول بذل قصارى جهدي بتعاطف و تفانٍ حتى و لو لم يطلب مني المريض ذلك ،،

- ثم سأحاول "ما إستطعت" حسب الوقت المتاح أن أشرح له حالته و خطتي لعلاجها ،،

- فإن تقبل عملت مرة أخرى بأقصى جهدي المتعاطف و سأزيده كل ما لدي من تفانٍ،،

- و إن كابر فسأنصحه بشرح وافٍ و نصيحة ودودة ،،

- و إن "إستحمر" فسأتوقف عن النصيحة ، و سألتفت لنفسي فقط مطالباً بحقي الشخصي في هذا الوطن ،،

و لن تأخذني بأي مكابر أو غبي شفقة أبداً ،،
بل على العكس سأتمنى له الشر ،،
ليس إنتقاماً لشخصي و مهنتي ،،
و لكن رغبة مني أن يتخلص منه المجتمع ، فتزيد نسبة المتحضرين إلى نسبة الدواب في هذه الزريبة الكبيرة ،،
علها يوماً تصبح مكاناً مناسباً لمعيشة البشر لا البهائم !!




الجمعة، 14 ديسمبر 2012

إحسان الظن بالحكام ، بين حمق السذج ، و جبن الكسالى عن التغيير ، و الخلق الطيب بالثقة في الآخرين








* هناك فرق بين البلاهة و إحسان الظن ،، قد يختلط على الكثيرين قيمتان في فلسفة الإسلام و هما (المؤمن كـيِّـسٌ فـطِـن) و (إلتمس لأخيك سبعين عذراً) ،،
و هذا الخلط خلط متكرر لمن يحاول النظر للإسلام كمنهج جامد ثنائي الأبعاد و لا يستطيع إدراك عمق أو ديناميكية الفلسفة الإسلامية ،،

ستجد أمثلة كثيرة لهذا الخلط تراها في عدم إدراك "التكامل" و ليس "التضاد" بين :

- آيات الأمر بالسعي في الأرض و إعمارها و طلب الرزق ،، و بين آيات الزهد و ترك متاع الدنيا الزائل !!
- آيات تحض على التراحم و العفو و اللين ،، و بين آيات القصاص و الجهاد و إستحباب قتل و قتال المفسدين !!
- إعمل لدنياك كأنك تعبش أبداً ،، و بين إعمل لآخرتك كأنك تموت غداً !!


* دين الإسلام - لأنه شريعة حياة و لأنه نزل لكل زمان و مكان - فهو دين ديناميكي ،،
إنه ليس "كاتالوج جهاز كهربائي" ستجد فيه كل تفصيلة موضحة بلا أي إحتمالية منك لتجاوزها أو التطوير فيها ، لكنه "إطـار" حياة ،،
حياة يعلم صانعها أنها متقلبة بين الرخاء و الفقر ، بين الأمان و الفزع ، بين تمام الصحة و عجز المرض ، و تتقلب أيضاً على كل درجة ما بين كل متضادين ،،  
حياة يعلم صانعها أن بين البشر إختلافات في العقل و الجهد و الهمة و الذمة ،،
هناك من هو "طماع" لدرجة تدفعه "للعدوان" ، و هناك من هو "خانع" لدرجة "الخذلان" ،،
لذا يجب أن يعطيك المحدد الأعلى كي لا يسمح بعدوان "الطماع" لكن في نفس الوقت لا يحرم المجتمع جهد "طموحه" ،،
و يعطي الحد الأدنى المقبول من "الخنوع" حتى لا يتوقف إعمار الأرض لكن في نفس الوقت لا يحمل "المتخاذل" فوق طاقته بمطالبته بأن  يصبح فارساً مغواراً أو مكتشف قارات جديدة !!
الإسلام يرسم لك حدوداً و يتركك تبدع في داخلها ،، لا تتجاوز الحدود فالصانع يعلم أن في تجاوزها ضرر للمجتمع ،،
لكنه أيضاً فتح لك الباب واسعاً للفهم و لبناء نظريات و تطبيقات على هذا الفهم ، بما يخلق عشرات الأفهام المتطابقة مع ثوابت الشريعة ،،
و بما يترك مساحة إبداع شديدة الإتساع حسب "طاقاتك" و "رغباتك" الشخصية لتضيف و تأخذ من المجتمع في ظل المنظومة المتكاملة للإسلام "كإنسان حر" و ليس "كماكينة مسبقة البرمجة" !!
و من هنا أصلاً نستطيع فهم لماذا جعل الله حسابنا على قدر عقولنا لا على قدر أعمالنا ، و نستطيع تفسير {و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض} !!


* لذا فالإصرار على التمسك بمحدد واحد "الأدنى أو الأعلى" "طول الوقت" و في "كل ظرف" ما هو في الحقيقة سوى "ضعف عقلي" يُصدَّر على أنه "إلتزام ديني" ، أو هو "شرعنة للهوى" ، فتفعل ما تريد و تدعي أنك ملتزم بأمر ديني دون قياس صحيح يكشف زيف إدعائك ، فقط "مزايدة" على الآخرين بنص مجتزء أو رأي شاذ ، مما يجعل الآخر في موقف دفاع عن النفس لأنك "بفكاكتك" تقمصت دور "المتحدث الرسمي" بإسم الدين ، و ناقدك هو ناقد للدين الذي تمثله !!

* طبعاً هذا خلط واسع الشيوع في مجتمعات الجهل العربي ، و إلى حد ما يمكن تقبله كأخطاء فردية ،،
أما المصيبة الحقيقة فتقع عندما تصبح الدعوة إلى هذا الفهم الأحمق المنقوص هي "دعوة عامة" من "جماعات حاشدة" و موجهة "للمجتمع كافة" !!
لكن أتعلمون ما هي الكارثة الأعظم ؟
الكارثة في رأيي أن يتقبل الشعب كله تقريباً هذه الدعوة الحمقاء بترحاب بالغ ، و يدافع عنها دفاعه عن فلذة كبده ، و يسفه من يدعوه لغيرها ، مقنعاً نفسه أن ذلك الداعي هو الأحمق الأرعن عديم الخبرة منقوص الضمير !!


* كيف يمكن لمن قبل هذه الدعوة الواضحة للحماقة المبطنة بإحسان الظن أن يبررها لنفسه ؟! :

- أي عقل يمكنه أن يحسن الظن بأن خطة الإخوان يمكنها إصلاح الشرطة - التي كان فسادها السبب المباشر لقيام الثورة -  و هم برأوا و كرموا و قبّلوا في البرلمان وزير الداخلية الذي قُتل في عهده عشرات الشباب في إستاد بورسعيد ، ثم قَمع بخرطوشه شباب الثورة الذين حاولوا الثأر لهم في محيط وزارة الداخلية  ؟!
كيف و قد كرم السيد مرسي ضابط القمع في أحداث محمد محمود و في أثناء الثورة الأولى في سوهاج و عينه وزيراً لداخليته هو شخصياً ؟!
ثم أثنى ذلك العياط على الشرطة في كل حين و لم يمد إلى تلك المؤسسة يده بأي إصلاح و لو شكلي و لو حتى بمجرد إقتراح لمدة ستة أشهر ؟!

- أي عقل يمكنه أن يحسن الظن بأن الإخوان يسعون لدولة القانون و هم من طعنوا في نزاهة القضاء في كل حكم لا يتوافق مع مصالحهم (حل البرلمان ، إستبعاد الشاطر ، مخاوف حل الشورى و التأسيسية)  ؟!
كيف و هم من خاصمهم كل القضاة من صالحين و طالحين عدا من يسيطرون عليهم هم من قبل الثورة ؟!
كيف و هم من كتبوا في دستورهم في كل المواد المطاطة (و ينظم القانون ذلك) ، أسنعيش بمنظومة سيصنعوها لنا كاملة في البرلمان القادم دون قيد أو شرط ؟!

- أي عقل يمكنه أن يحسن الظن بأن الإخوان سيتعايشون مع الديموقراطية و يتداولون الحكم بسلمية و هم من هددوا بإحراق البلاد لو أتت الصناديق بشفيق ؟!
كيف و هم يعلنون المرجعية الإسلامية و التي يعلم كل مثقف متوسط الحال أنها تتعارض بشكل عميق مع أساسيات الديموقراطية ؟!
كيف و هم من إغتصب فرعهم في غزة (حماس) السلطة و لم يدع لأي إنتخابات منذ ركب على عنق الغزاويين في إنتخابات 2007 بموافقة أمريكية مثلما حدث معنا تماماً ؟!
كيف و هم من يجيشون ميليشياتهم لقمع المعارضين من الآن فكيف إن تمكنوا من الجيش و الشرطة ؟! أسيصنعون معنا ما تصنع حماس مع الغزاوية فيضربونا حتى في المساجد لو عارضناهم ؟!

- أي عقل يمكنه أن يحسن الظن في ((( المــشــروع الإســــلامـي ))) رغم أنه غير مكتوب في أي مكان كان ؟!
كيف و من يتاجرون و يربحون المناصب بإسمه لم يقدموه حتى و لو لخواص أفراد جماعاتهم ؟!
كيف أثق في حكم الإخوان فقط لأنهم يسمون أنفسهم - باطلاً - (إسلاميين) ، كيف أفعل و كل نظرائهم الفكريين نكسوا أوطانهم ، و أقربها في بقعتين على حدودنا (غزة و السودان) ؟
كيف أثق في حكمهم رغم أنه لم ينجح مشروع ما يحمل صبغة إسلامية إلا بعدما تحرر و تبرأ من مراهقاتهم الفكرية و طفولاتهم السياسية (مهاتير و أردوجان) ؟!

- أي عقل يمكنه أن يحسن الظن بالعياط و ((( يديله فرصة ))) رغم أنه لم يحقق حتى ما ألزم هو به نفسه من وعود في أول 100 يوم ؟! فما بالك بطموح الشعب الذي لم يقربه حتى ؟!
كيف و هو من خرج ولي أمره (الشاطر) و أعلن على الناس أن النهضة ليست "مشروعاً" حقيقياً لكنها مجرد "أمـنـيــة" ، رغم أن ذلك المشروع كان العقد الذي بينه و بين من إنتخبه ؟!
صحيح أنه من المنطقي أنه لا يمكن أبداً (لمعارض) صياغة مشروع حكم في دولة نامية لا توجد لديها قاعدة بيانات منضبطة و لا شفافية ،، و سأتجاوز عن أنهم يفترض بهم أن يكون مشروعهم للحكم جاهز خلال "نضال الثمانين عاماً من أجل الحكم" ،، و سأسأل فقط :
ألم تكفي 4 أشهر لبرلمان الإخوان و 6 أشهر لرئيسهم في الحكم لكي يصلوا إلى بينات موارد و إحتياجات الوطن ، و يعدوا مشروع حكم حقيقي ، و يخرجوا به إلى الناس ؟!


* تــباً ،، أهناك عاقل صاحب ضمير يمكنه أن يحسن الظن رغم كل ذلك ؟
عــذراً ،، هذا ليس إحسان ظن ،،
هذه دعوة للحمق ،،
ثم شرعنة لهذا الحمق بإسم الدين ،،
ثم قتال و فتنة من أجل مجموعة حماقات نُسجت معاً كثوب ردىء لا يستر عورة وطن و لا يقي من برد شتاء فقر شعب !!


* إذا كنت تدعوني للموافقة على سياسات و دستور تعترف أنت و يعترف المقربين الداعمين لصانعيهما أنهما معيبان فقط من باب إحسان الظن بكاذبين معتدين يضعون أقدامهم على أول طريق الفشل ،،
فأنا أدعوك بمنطق أقرب للصواب أن تحسن الظن بي أنا - كأخ لك لي عليك نفس حقوقهم -  و توافقني  فترفضهم و ترفض طريقهم و طريقتهم ، فعلى الأقل أنا لم يثبت لك بعد كذبي أو فشل أفكاري  !!!


* يا من تلوم الفطناء على عدم مشاركتك عمى بصيرتك أو موت ضميرك ،،
و يا من تدعو الناس للحماقة و تراهن على نجاحك بها ،،
أبشركما بأحد أمرين :

- إما سيقف لك الفطناء بالمرصاد فتسقط سقطة لن تقوم بعدها أبداً ،،
- أو ستكون أنت أقوى منهم لندرتهم ، و عندها ستحكم وطناً من الحمقى فتفني حياتك "لتعلفهم" دون أن يبنوا لك ما تحلم به من أمجاد ،، فهنيئاً لك بحمقهم و هنيئاً لوضاعتهم بضلالك !!  


كلا و الله لن أحسن الظن بمن أثبت مراراً أنه:
أحمق ، فاشل ،
ناقض للعهد ، كذوب ،
آكل للربا ، معطل للقصاص ،
مكرم للفاسد ، متهِم للشريف ،
خاذل للمضطهدين من المسلمين في سوريا و بورما ،
ودود للصهاينة ، مطيع للأمريكان ،
حاكم بغير شورى ، صامّ الأذن عن كل مناصحة ،
محرض للإعتداء على دماء رعيته و منكر بتبجح لذلك الإعتداء رغم ثبوته يقيناً !!

* كلا لن أحسن الظن به و لا بجماعته نصرةً لديني ،، فـ (المؤمن كـيِّـسٌ فـطِـن) !!