الخميس، 20 يونيو 2013

ما هو الفرق بين الحكم المتوافق مع دين الإسلام، وبين الإستبداد السياسي بإسم ذلك الدين ؟!






ما هو الفرق بين الحكم المتوافق مع دين الإسلام ، و بين الإستبداد السياسي بإسم ذلك الدين ؟!

(نظرية تساوي إستحقاق الحاكم و المعارضة للتوظيف السياسي للدين و النزول على الرأي الأصح لأيهما ، فالحاكم ليس مرجعية للحق و لا يملك حرية تطبيق الباطل إنما حقه الإختيار فقط بين الصحيح و الأصح من وجهة نظره المنطقية لا الفقهية)

_________________________

1- الترشيح :

* في الإسلام الصحيح :

الحاكم يرشح للمنصب بناءاً على الكفاءة (لها عناصر محددة فقهياً بشكل منطقي إستنتاجي قابل للتغيير و ليس منزل ثابت) ،
- مثال : في ترشيح خلفاء رسول الله عليه الصلاة و السلام لم تكن الولاية لأقرب الناس نسباً للرسول أو لأكثرهم فقهاً أو أكثرهم حفظاً للقرآن بل للأكفأ فكرياً ثم عسكرياً ثم قبولاً بين الرعية.

* في الإستبداد بإسم الدين :

الحاكم تفرضه مجموعته المذهبية على المجتمع كافة مسلمين و غير مسلمين ،
- مثالين : حكم المرشد الإيراني و نائبي المرشد المصري .

_________________________


2- التنصيب :

* في الإسلام الصحيح :

بيعة من أكثرية غالبة من عناصر المجتمع (أفراد و قبليات و توجهات) ،
- مثالين : أيضاً عقد البيعة لأبي بكر و عمر .

* في الإستبداد بإسم الدين :

الوصول للمنصب مبني على أي وسيلة مباحة أو غير مباحة ، ربما بالسلاح أو بالخديعة ضد مجتمعه ، أو بالتقية مستخدماً الديموقراطية التي يكفر بها ثم ينقلب عليها و يلتصق بالسلطة ،
- أمثلة : السلاح : (البشير في السودان و طالبان في أفغانستان) ، الخديعة المجتمعية : (الإخوان في مصر) ، الديموقراطية فالإنقلاب عليها علناً : (حماس في غزة) .

_________________________


3- الممارسة السياسية :

* في الإسلام الصحيح :

- أ. الحاكم لا قدسية لشخصه إنما المنعة لمنصبه فقط كمتخذ للقرار (الرجل يسائل عمر - الذي هو أمير المؤمنين و فوق المنبر - من أين تحصل على ثوب زائد عما وصل لباقي الرعية ، و عمر ملتزم بالإجابة عن مصدر الثوب)

- ب. الحاكم يصدر قراره أصلاً بناءاً على رؤيته الإنسانية و يحق له أن يبرر فعله "بفهمه" للدين ، و الرعية يحق لها هدم رؤيته الإنسانية بنقد منطقي (فرد في الجيش يرشد رسول الله إلى مكان أفضل لموقعة بدر) أو بحكم شرعي (المرأة تراجع عمر في قراره بتحديد حد أقصى للمهور بناءاً على نص صريح في القرآن غاب عن تفكير عمر ، فيراجع عمر نفسه و يقف على المنبر يقر بخطأه و يلغي قراره بناءاً صحة الحجة الفقهية للمرأة) ،
و الرعية كذلك يحق لها هدم حتى الرؤية الدينية للحاكم بتأصيل فقهي أكثر وجاهة لأن الرأي الفقهي للحاكم هو رأي و ليس إلزام فلا سلطة دينية للحاكم إنما المرجعية للنصوص الثابتة (خلافات الصحابة مع علي بن أبي طالب حول القصاص من قتلة عثمان)

- جـ. العلانية (الشفافية) :
لم يذكر في السيرة النبوية و لا في سير الخلفاء الأربعة ما يدل على أن قراراً ما إتُـخِـذ سراً أو دون مشورة ، حتى أمر إعلان الحرب كانت مناقشته علنية ، فقط خطة الحرب كانت سرية ، لكن حتى هذه لا يستأثر بها الحاكم إنما هي علنية أيضاً لكن في دائرة أضيق من قادة الجيوش .

- د. الشورى العامة ، و توزيع السلطة على كل الفئات ، و حق المناصحة :
كما ورد في السير لم يكن القرار أبداً للحاكم منفرداً ، و لم تكن حتى الشورى أو الولايات العامة مقصورة على فئة من المجتمع دون غيرها (و دليل ثبوت ذلك المبدأ ملامة بعض الصحابة لعثمان في الركون لمشورة أقاربه و تعيينهم) ،
و المناصحة حق - و واجب في نفس الوقت - على كل فرد في المجتمع حتى و لو لم تؤهله إمكانياته المعرفية أن يطلب منه الحاكم المشورة ، و المناصحة ملزمة للحاكم بأن يرد عليها ، و إن لم يدفعها بحجة أقوى وجب عليه النزول عليها (مثال المرأة التي راجعت عمر في المهور كما سبق) .

* في الإستبداد بإسم الدين :

- أ. الحاكم يتحدث بإسم الله و قراره منزه (الخوميني ، و البنا ، و فقهاء سلاطين الخليج) و ذلك بفهم ملتو لمعاني النصوص القرآنية الموجبة لطاعة ولي الأمر و أولي العلم مع تجاهل متعمد لعشرات الآيات القاطعة بعدم الطاعة لهم في معصية الله و لنصوص إحقاق الحقوق و عدم معصومية أي بشر من الزلل أو المقاضاة ، ثم بعد التجاهل السابق يشرعنون ضلالهم بإستخدام نصوص مدسوسة على السيرة تقول بحرمة الخروج على الحاكم إلا أن يمنعك من الصلاة حتى و لو قتل ولدك أو جلد ظهرك بغير حق !

- ب. الحاكم يصدر قراراته جميعاً بسند فقهي و لو بتحميل النصوص ما لا تحتمل (ضلالات المذهب الإمامي ، و تشبيه أعضاء إرشاد الإخوان بنبي الله يوسف و تشبيه صفقاتهم و مؤامراتهم بأنها نسخ من صلح الحديبية) ،
و في حال إستحالة ذلك الشطط يكون مبرر طلب الطاعة العمياء هو أن معصية الحاكم معصية لله و معارضته إفساد في الأرض و ضياع للدين الذي يحرسه الحاكم (مرسي مثالاً نموذجياً لذلك) .

- جـ. لا وجوب للعلانية و الشفافية أو لا وجود لهما بالأساس (مؤامرات تحاك من الحكام ، و يعلن عن مؤامرات من أعداء الوطن بدون تفصيل لأي من نوعي المؤامرات) لسبب بسيط هو أن الحاكم أكفأ من أن يراجع ، و الفرد أقل من أن يسائله لقلة علمه - إفتراضاً - مقارنتة بالحاكم الفقيه أو المختار بإرادة إلهية .

- د. الشورى و المناصب خاصة بجماعة أو عشيرة الحاكم و من يقدم له فروض الولاء الغير مشروط (فقهاء سلاطين السعودية "هيئة كبار العلماء" ، و في مصر الإخوان و أحزاب جبهة الضمير الغائب) ،
و المناصحة في أحسن الأحوال يتجاهلها الحاكم تماماً ، و إذا أصر عليها صاحبها أو نشرها بين الناس يُـقمع أو يخوَّن (كل المعارضة إما مسجونة أو مقتولة كما في إيران بعد الثورة ، أو متهمة في دينها و ولائها للوطن كما في مصر اليوم) .

_________________________

4- تقويم الحاكم :

* في الإسلام الصحيح :

(إضافة إلى العلانية و الشورى و المناصحة المقيمة للحجة) يخضع الحاكم العام للقاضي (أبي بن كعب يقاضي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عند زيد بن ثابت ، فيستدعيهما زيد و يحابي عمر فقط في أن يجلسه جلسة مميزة ، فينهره عمر و يطلب أن يساوي زيد بينه و بين أبي بن كعب حتى في مكان الجلوس)،
كما يخضع حكام الأقاليم للقضاة المحليين و كذلك للحاكم العام ، و لكل فرد من الرعية حق الشكوى و التقاضي (عمر بن الخطاب يستدعي والي مصر عمرو بن العاص و إبنه للتحقيق في شكوي قبطي مصري ضربه بن عمرو ، فيحاكم إبن الوالي المسلم و يأمر المصري القبطي بالإقتصاص لنفسه و جلد بن الوالي بيده !)،

* في الإستبداد بإسم الدين :

لا علانية و لا شورى عامة و لا قبول لي مناصحة من خارج الجماعة و حلفائها ،
و أحكام المحاكم لا تنفذ على الحاكم و لا وزرائه و لا محافظيه ، و أبناؤه يحيطهم الحرس ، ثم يهينون و يهددون هؤلاء الحرس ، و يحرضون ضد معارضي أبيهم ، بل و يعتدون على الناس حتى عندما كان أبوهم مجرد نائب في البرلمان !
_________________________

5- في الخروج على الحاكم (عزله) :

* في الإسلام الصحيح :

القاضي يقرر تغريم الوالي الظالم و إلزامه بتصحيح خطأه و رد المظالم أو عزله إن إمتنع (أهل سمرقند المفتوحة حديثاً في عهد عمر بن عبد العزيز يشكون الوالي المسلم للقاضي المسلم بأنه جاء لغزوهم بغير أن يدعوهم قبلها إلى الإسلام فيأمر القاضي بإجلاء المسلمين عن أرضهم و تعويضهم !) ،
و يقف الصديق أول من أسلم من الرجال ليقول للناس : وليت عليكم (و لست بخيركم) فأطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن (أمرتكم بمعصية فلا طاعة) لمخلوق في معصية الخالق ،،
و يرد الرعية على أميرهم : لو إعوججت لقومناك بسيوفنا .
  
* في الإستبداد بإسم الدين :

الحاكم الإخواني يحصن قراراته ضد النقض و ضد أحكام القضاء !
و جماعته و داعميه يهددون بإحراق البلاد إن لم يصل إلى الحكم أو نُـحي عنه ،
و يربطون بقاء شخص الحاكم ببقاء الدين و عزل الحاكم بزوال الدين !
و يبررون صلاحه و تقواه بأنهم رأوا في أحلامهم مرسي يصلى بالرسول إماماً في المسجد النبوي !

_________________________




6- التشريع :

* في الإسلام الصحيح :

- مصادر التشريع : "العرف" و يقومه "القرآن" و "سنة" النبي الملزمة الصحيحة النقل بدفع الفاسد منه و إضافة الجيد إليه ،
فالعرف قابل للمراجعة (كتحريم التبني المباح قبل الإسلام ، و إباحة الزواج من طليقة المتبنى التي كانت محرمة عند العرب) ،،

- و القرآن و السنة يطبقان بمقاصدهما (فالقرآن الذي حرم أكل الميتة يبحها عند ضرورة دفع الهلاك جوعاً ، و حروب الردة تقوم من أجل إجبار مواطنين على دفع الزكاة التي هي "حق المجتمع" و ليس من أجل إجبار مرتدين على الدخول مرة أخرى في الإسلام ، و يوقف حد السرقة في المجاعة لإنتفاء عدالته) ،،

و "الحاكم"يشّـرِع و يقومه "القاضي" و "الفقيه" و "العالـِم" ،
و البشر (الحاكم و القاضي) يراجعهما (أي فرد) من المجتمع طالما إمتلك الحجة الداحضة ،،

- و أمور المعاملات السياسية و الإقتصادية ليس فيها منظومة تشريعية متكاملة ملزمة في الإسلام ،
إنما "محددات" يجب الإلتزام بها مع حرية كاملة في إبداع أي نظام يناسب الزمان و المكان و طبائع الناس طالما إلتزموا بتلك المحددات اليسيرة العدد.


* في الإستبداد بإسم الدين :

- الحاكم الإخواني الملتحف بعباءة الدين ينفرد بسلطة التشريع دون راد لما يشرع فقد حصن تشريعاته ضد النقض القضائي و لا برلمان يحاسبه !!
- يمنع الشورى من عموم فئات المجتمع ، لكنه ربما يستشير أقوى الحمقى أو أكثرهم خبرة عملية من عشيرته ،
- و ربما يكتفي بإقتفاء آثار الفساد القديم كما هو دون تغيير إلا للأسوأ من باب العجلة و الإهمال ،
- ثم يُخـوِّن معارضيه كلٌ بتهمة تقنع العوام ،
- ثم إذا أعياه تخوينهم كفّرهم كلهم !!

_________________________



* السؤال الأقرب الآن :

إذا الإسلام لا يمكن أن يطبق سياسياً إلا مع بشر بعلم و جودة نفوس الصحابة المقربين ؟

* الإجابة :

إقرأ كل ما سبق و إقرأ من جديد في نصوص الإسلام لتعرف أنه لا خصوصية و لا نزاهة دنيوية في الإسلام تختص الصحابة عن سائر المسلمين ،
و لا مانع قطعي من أن يكون بيننا من هو في مثل قناعتهم أو فقههم أو تضحياتهم في سبيل نشر دين الله و رعاية خلقه !

_________________________


اللهم إدفع عن عبيدك و عن دينك الفتن ما ظهر منها و ما بطن برحمتك و قدرتك يا عزيز يا رحيم .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق