الأربعاء، 1 مايو 2013

التعليم و التنوير بالمناظرة،في مقابل خراب العقول و الأحوال العربية المعاصرة صنيعة مونولوجات:السياسة و الإعلام و التعليم و المنابر و القراءة !







* التعلم الحق يكون من خلال االإستماع إلى "مــناظرة" ،،

1- فكان طالب العلم - أيام كان العلم يسعى إليه الناس كبداً ، و ليس مكدساً في كروت ذاكرة عند العالِم و الأحمق - يستمع إلى أستاذه لفترة ، ثم يطلب العلم عند معلم آخر ،
و أحياناً يستمع الطلاب إلى مناظرة عملاقين من عمالقة الفكر و العلم ،
فتطرد الفكرة الجيدة الفكرة الأضعف ،،

2- و أجود نظم التعليم المعاصرة هي ما يطرح فيها المنهج المتدارس آراءاً متقابلة في نفس المسألة لتوسيع مدارك الطالب ،
و حثه على البحث ،
و توجيهه لصنع وجهة نظره الخاصة من المفردات المتقابلة التي تعلمها ،،

3- و البحث العلمي الحديث يجبر الباحث على مراجعة كل الآراء السابقة فيما يتعلق بموضوع بحثه و تعلمه ،
فتصبح الصورة لديه مكتملة حتى يمكنه ان يضيف إلى العلم الجديد دون تكرار أو إغفال لإحدى وجهات النظر ،،


* أما سبب فساد عقول و أحوال أجيال من أمة العرب الحالية فهو : "الـمـونـولـوج" !!

المونولوج هو الحوار الأحادي ،، شخص يغني و يرد على نفسه ،، شخص يحتكر المعلومة و يسقيها لتعساء لا يملكون سماع غيره !!

1- أدعي أن إشكالية السياسة العربية الراكدة عموماً و السياسة الإستقطابية الإنفجارية في دول الربيع العربي خصوصاً سببها المونولوج السياسي !

هناك شخص ما سيقف في مونولوجه يتحدث عن فائض ميزانية مملكة الماعز ،
آخر سيدندن مونولوجه في مدح طيبة ملكها ،
و ثالث حتى سيهاجم جهله و ظلمه من لندن أيضاً في صورة مونولوج !

هناك فصيل سيفلق رأسك بمونولوجه ليعزف مقطوعة "الإسلام هو الحل" ،
و فصيل آخر سيفتت شقي رأسك المفلوق بمونولوج "ناصر هو الحل" ،
بينما لو وقف طفل في الثانية عشرة في مناظرة أمام أي مونولوجست منهما لفضح زيف الفكرة بمجرد سؤالين : "ليه هو الحل ؟ و ناوي تعملها إزاي دي يا عمو ؟" !!

المناظرة الوحيدة التي جرت في السياسة المصرية كانت مناظرة "أبو الفتوح" و "عمرو موسى" ،،
و هي مناظرة أظهرت حمق إثنين كانا هما الأقرب لخوض جولة الإعادة معاً كما يتوقع الراصد للقاعدة الشعبية و الإرادة السياسية للمجلس العسكري يومئذ !
و بالمناسبة فالسياسة الدولية ليست بعيدة عن ذلك كثيراً ،،

صحيح أن الصوت الآخر أيضاً موجود ، لكنه ضعيف و نسبياً لا يلاحظ ،
و نادراً ما يسمح بمناظرة بين من يرفض و من يُنشد مونولوج الرأسمالديموقراطية ، أو مونولوج الحريات الجنسية المطلقة ، أو مونولوج التوعية الطبية المغلوطة الموجهة لتعظيم أرباح شركات الأدوية و الأمصال و المستلزمات الطبية !


2- مونولوج آخر أثر على حياة المصريين و العرب لأكثر من 60 عاماً ،، إنه المونولوج العسكري !

فسبب خواء عقول عسكرنا الحالي - طبعاً إضافة إلى سياسة التجهيل الممنهج و تقزبم القيادات التي أبدعها مبارك كما فعل مع المجتمع عامة - راجع أصلاً إلى المونولوج القيادي ،،

فالقائد العسكري من رتبة مقدم أو من أي رتبة لكنه يرأس وحدة منفصلة لا يسمع من يرد على أفكاره و خططه ،
لا يسمع من يفند له نقطة ما ، و بالتأكيد لا يسمع من يقول له "لا" ، لأن مكان من يقولها هو السجن الحربي أو سجن الوحدة لو كان القائد الملهم المعصوم يخشى على مستقبل المعارض الأرعن !
بعد فترة من الممارسة المونولوجية منعدمة المعارضة ينسى الضابط الآمر أنه لا يسمع من يعارضه لأنه في حياة عسكرية ، و يعتقد أنه لا يوجد من يفند رأيه لأن رأيه هو منتهى الحصافة و قمة الإبداع !!
فيعيش على هذا الوهم لسنوات طويلة حتى يتحول تماماً إلى ذلك الكيان الفكري المسخ الذي رأيتموه يخرب مصر قبل و بعد الثورة برأس متحجر و غبي في نفس الوقت (طنطاوي - عنان) !!


3- مونولوج آخر مهلك للعقول تجده في سخافات مناهج وزارة التعمية و التجهيل ،

مونولوج يحتكر فيه واضع المنهج - ثم من راجعه في المخابرات - شكلاً واحداً للمعلومة العقائدية و التاريخية و الفلسفية و حتى العلمية ،
فتتخرج و قد درست سخافات متطابقة مكررة في كل مراحل التعليم ، معظمها مكذوب ليتسق مع ما تريده لك الإرادة السياسية أن تعرفه و تعتقده !!
و تتخرج و قد حملت شهادة - كرتونية - تؤهلك للتحكم في مصالح الناس ، بينما مونولوجك الملَقن لم يعرفك أدوات ذلك التحكم و كيفية إجادته !


4- و عشنا جميعاً مونولوج تقزيم و تفريغ الدين من محتواه ليصبح مجرد ظاهرة صوتية شعائرية من على منبري المسجد و الكنيسة ،،
فتكلس الدين على أفهام مزرية هي من دفعت كلفة بنائهما !
فإمتلكت عقول هزيلة بتلك الجنيهات حق تشكيل عقيدة و أخلاق مجتمع !!


5- و أعاني شخصياً اليوم من منتج مونولوجات القراءة !!

نعم القراءة مونولوج و لا أسخف !! أنت تستمع إلى كلمات شخص واحد إخترته أنت - في أغلب الأحيان - لأنه يريحك أو يمتعك أو يوافق هواك ،،
إسأل نفسك - في غير مقام تعليم منظم - ما هي نسبة الكتب التي قرأتها مستمتعاً إلى نسبة الكتب التي أكرهت نفسك على قرائتها من باب التعلم و مقارنة الأضداد الذين لا يوافقون فكرك أو ذوقك ؟!

في الوسط الفكري و السياسي الأكثر خبرة ممن بدأوا العمل بالفكر و السياسة من بعد الثورة أصطدم يوماً مع أشخاص قرأوا لشخص آخر مونولوجه الذي سطره في كتاب ما ،
مونولوج فكري قد يكون هزيلاً لدرجة أن الكاتب نفسه نقد نفسه في كتاب آخر في مرحلة تالية من عمره ، لكن صديقي القارىء العزيز وقع في يده أو وقع هو في هوى الكتاب الهزيل الأول !
مونولوج نظري لم يروي الكاتب أنه رآه يوماً ما لكنه مجرد توقع لما هو آت أو تصور لما هو مفترض و مأمول !
فيتخيلوا هم - لأنهم لا يملكون بديلاً إبداعياً - أن تلك النظريات التي إفترضها الكاتب - بسبب جمال اللفظ أو حنكة الصياغة أو تعقيد الفكرة - هي حقائق يجب علينا أن نتبعها كما نتبع معلومات مرجع في الكيمياء !
أو أنه يجب علي أنا أن أظهر عيوب نظرية معشوقهم كلها و أفندها واحدة واحدة ، ثم أوجد لها البديل الذي سينقدوه هم بدورهم إنتقاماً لكاتبهم المحبوب !
و كأن من يفكر اليوم ملزم بالرد على ضلالات سبعة آلاف سنة من التدوين !!


6- و أغرب مونولوج عشناه هو (المونولوج الحواري) !!

نعم هو مونولوج مع أنه في شكل حوار !! مونولوج لا تجده إلا في الإعلام الموجه المتخلف ،
ملأوا أسماعنا و أبصارنا بحوار بين مذيع و ضيوف مقررين مكررين و كلاهما يقول نفس الكلام و الثاني إما يؤَمِن و إما يطنطن على نفس اللحن !!

ثم ورث الإعلام العربي الحالي الأكثر حرية نفس الممارسة الغبية ،
ما عدا بعض برامج تناظرية كاريكاتورية يتعمد فيها المحاور إستفزاز الأطراف لتتشاتم و ربما تتضارب ،
كل ذلك لأن برنامجه يجتذب إعلانات بقدر سخونة و كوميدية الحوار الحاصل فيه !!

أنتج لنا نوعي الحوار المونولجي المسخ هذين عقولاً ممسوخة تمتلك ردوداً جاهزة لكل سؤال لكنها لا تعي أن ما تقوله هو مجرد صدى صوت لضحكات فيصل القاسم أو لمؤامرات نسجت منذ 50 عاماً قي عقل عبد القادر حاتم !!

ردود من عينة :

- العري إبداع فني هادف مادام موظفاً درامياً و غير مقحم على الأحداث ،
- الطفل المصري أذكى طفل في العالم ،
- الرئيس طيب لكن من حوله هم الفاسدون !!


* لا تعلموا السفهاء أكثر مما يحتاجون ليعتاشوا و لا يضروا غيرهم !!




_______________________________

تحديث في 12 ديسمبر 2013


في شأن (منهجية القراءة) فأنا أرى المنهجية الأصلح لابد أن تقوم على ثلاثة شروط :

1- الترتيب و الإكمال :
بأن يخطط الشخص لقراءة الأمور الأولية فالمعقدة فالأعقد ، و أن لا يقتطف من الفكرة بل يقرؤها كاملة ، و أن يقرأ المعارف و الأفكار الأساسية قبل قراءة ما يبنى عليها ، كمثل ضرورة قراءة السيكولوجي قبل قراءة السوسيولوجي ،،

2- القراءة التناظرية :
بأن يتم قراءة الفكرة و مضادتها على التوالي و ربما كذلك رد الأول على نقد الثاني له و هكذا ، دون إطالة في قراءة فكرة أحادية لتجنب الإفتتان بها و الدوران في فلكها و تقديس صاحبها ،،

3- القراءة النقدية الشاكة :
أي إفتراض الخطأ الدائم للفكرة و نقدها بأسئلة تشككية ، ربما تكون إجابة تلك الأسئلة موصلة إلى يقين أكبر بالفكرة و ربما تثبت خطأها و ربما يبني عليها القارىء فكرة جديدة من عنده كإجابة توصل هو إليها على أحد تلك الأسئلة التي لم يجد إجابتها في ما يقرأ.




___________________
مقالات أخرى للكاتب حول القراءة و التنوير و الثورة الفكرية :

- سلسلة مقالات الثورة الفكرية
مقال جامع لكل المنتج الفكري يتم تجديده دورياً فتفضلوا بمراجعته أسبوعياً لو أحببتم  :



- أسطورة "أهمية القراءة" !! قراءة ما أدى لخراب عقول أمة لا يمكن أن يؤدي سوى لمزيد من الجهل !!



- التعليم و التنوير بالمناظرة،في مقابل خراب العقول و الأحوال العربية المعاصرة صنيعة مونولوجات:السياسة و الإعلام و التعليم و المنابر و القراءة !




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق