الجمعة، 9 نوفمبر 2012

الثورة : صناعها و خطئهم ، و ركابها و خطاياهم








* أولاً : الثورة هوى شعبي بمطالب محددة تقابل مظالم محددة ،، و نعم - مهما كان إستغرابك - هي يجب أن تكون ملكية خاصة للداعين لها ،
ليس من باب منع الآخرين من المشاركة ، و لكن من باب منع الآخرين من تشويه شكل المطالب و التحرك اللذان تقوم عليهما ثورة بعينها ،
فمن أراد الإشتراك فليلتزم بالدعوة ، فصانع الثورة ليس كالمشارك فيها ،

- إنه نفس الفرق بين المخترع و المُصَّنِع ،،
الأول يبتكر شيئاً من العدم و يبذل فيه جهداً و مالاً و مخاطرة لذا يسجل إختراعه بإسمه ،
من أراد تصنيعه بعد ذلك لأنه يراه "جيد" ، أو لأنه "سيكسب" من وراءه فعليه الإلتزام بتصميم المخترع ، و إلا فليسجل لنفسه إختراعاً جديداً ،

- ما يخترعه المخترع في سنين جهد و فقر و مخاطرة بالفشل فالإفلاس يصنعه  المُصَّنِع في ساعات معدودة بدون مخاطرة حقيقية في الخسارة ، فقد ثبتت جودة المنتج بالفعل عندما طرحه المخترع على الناس.

- إذا كنت صديقي و رأيتني قد أنفقت كل جهدي و مالي في محل ما لأبيع فيه تجارتي ،
ثم رأيتني لا مساعد لي فعرضت من تلقاء نفسك أن تساعدني لمدة أيام حتى أجد مساعداً أميناً ، فإعلم أن جهدك هذا "تطوع" ،
و لا يمكنك بحال أن تدعي أنك شريكي و تختلف معي على نوعية البضاعة و تطلب مني تغييرها ،
فما بالك إذا زعمت بأن المحل محلك لأنك عملت فيه أسبوع و تطالب بكتابة عقد الإيجار بإسمك !!
أعتقد أن "الخِسَّة" نفسها ستنكس رأسها خجلاً إذا رأت فعلتك الدنيئة تلك !!


* ثانياً : الثورة - كما حكاها كل من عرفت من صناعها و المشاركين في موجتها الأولى - بدأها 250 شخصاً على فيسبوك ثم خرجوا من الجزء الفقير بشارع جامعة الدول ،
إلتحق بهم 4000 من شباب الألتراس (حتى هنا ليس هناك تيارات إسلامية) ،
ثم إلتحق بهؤلاء آلاف الشباب من الطرقات و البيوت بنية مبيتة أو مرتجلة ، ليصلوا إلى التحرير و هم حوالي 25000 شاب و شابة يغلب عليهم صفتهم (شباب ثوري) ،
كان بينهم حينها "الأنقى" من أفراد من تلك الجماعات و منهم من إستشهد ، لكنهم حضروا كأفراد و ليسوا كجماعات ، و لتراجع - إذا كنت لا تصدقني - تصريحات المرشد و مرسي قبل و أول يومين في الثورة ،، و طبعاً لا داعي لمراجعة مواقف الجماعات السلفية !

- من يعلم بأيام و ليالي الثورة الأولى يعلم بأنه لم يوجد أي تحرك للإخوان إلا بدءاً من مساء يوم الخميس 27 يناير بعد أن جائتهم الأموامر للتحرك السري كأفراد و ليس تحت مسمى الإخوان ،،
و عليه فعند الحساب يحاسبوا على أنفسهم كأفراد و ليس كإنتماء ،

لا يصح أن تعلن أنك لن تشتري في الرحاب لأنها صحراء من يفكر في سكناها فهو مختل ، ثم يشتري أبن من أبنائك هناك ، ثم ينجح مجتمع الرحاب فتنتقل للعيش مع إبنك ، ثم تأتي لتتباهى في مجالس السمر بأن عائلتك كان من أول من توقعوا هذا النجاح !!
الأوْلى أن تعتذر عن رؤيتك السابقة الخاطئة ، ثم تنسب الفضل لأهله.


* ثالثاً : وقع ثوار مصر الأوائل في خطأ جلل ،
الخطأ هو أنهم لم يطبقوا فكرة "الديكتاتورية الثورية" ،
أعتقد أن السبب هو تأثرهم العميق من خلال الإعلام و الإحتكاك الغربي بالفكرة الفاسدة للديموقراطية التي هي أسفه ما وجد من أنظمة الحكم ،
أو قد تكون طيبة قلوبهم لحداثة السن ،
أو يكون السبب هو دسائس المتسللين من عملاء سليمان بينهم ، و الذين تسلل مثلهم في كل دول الربيع العربي لتوجيه الهوى الثوري لما يريده محركوا العرائس خلف الأستار ،،
هذا هو ما ضيع ثورتهم ،
كان لابد من الإستبداد بالفكرة الجديدة المطروحة (عيش - حرية - عدالة إجتماعية) و كان لابد من أن يسعوا "بإستبداد" للحكم كي يطبقوها ،

الإستبداد الثوري ضرورة لا تخلو منها أي ثورة ناجحة ، هي ليست سعياً للجاه ، لكنها وقاية للثورات من الفشل أو الركوب أو التطويل المخل .


* رابعاً : من يصنع الثورة و من يشارك فيها يفترض به عمل ذلك للصالح العام و ليس لمصلحته الشخصية الضيقة ،
و هو كذلك لا ينتظر جائزة من الناس في مقابل جهده - كما يتشدق دوماً المتأسلمون بقمعهم السابق -  ،،

من يصنع ثورة بكل مفرداتها لمصلحته الشخصية فقط فهو مخرب ، لأن الشعب كله سيدفع الفاتورة بينما يستمتع هو وحده بالبضاعة ،
لكن سعي الثائر الحقيقي للحكم بعد ثورته لا يعد سعياً لغنيمة شخصية ، لكن على العكس يعتبر جهاداً جديداً بسعيٍ لتطبيق منظومة يعتقد أنها تحقق المصلحة العامة لسائر الوطن .



* أيها المتأسلمون :

فلتعرفوا أن ( المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر - أي يترك- ) ،،

و من كان منكم يستطيع القياس فليعلم أنه و من باب التماثل ( لا يحل أن يثور أحدكم على ثورة أخيه حتى ينتهى ) ،

فإن فشل فإبدأ أنت ثورتك الخاصة ، و إن نجح فكن له عوناً إن أصاب ، أو ثر عليه أنت بدورك إن أتى بظلم جديد !


لا بارك الله في جهد مسروق ،
لا بارك الله في مغنم مغلول ،
لا بارك الله فيمن ضلل الناس بكل أنواع الباطل بدعوى أنه ينشد الحق في نهاية المطاف !

تباً للتدليس ،، و سحقاً للحمقى



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق