الأحد، 26 مايو 2013

أنواع الحوار المثمر و العقيم و الهدام تصنيف و تشريح لحوارات بني العرب !






* الحوار المثمر هو ببساطة الحوار الذي يكون له "غاية" ،،

و من اللياقة إظهار تلك الغاية للطرف الآخر و للمتابعين إما ضمنياً بشكل محسوس لا يختلف عليه إثنان ، أو بشكل أوضح بذكر الغاية صراحة ،،

* و الغاية الأقصى في الحوار الرشيد هي "إدراك الحقيقة" ،،
و في السبيل لذلك قد يكون المحاور في حاجة إلى :

- "توضيح" ممن يحاور لوجهة نظره المعروضة ،،
- أو سيكون عليه "نقدها" لبيان جوانب القوة و الضعف فيها ،،
- أو "نقضها" لبيان تمام فسادها .

* لذا فمن اللياقة و الرشد إظهار هدف الحوار من أول جمَلِه حتى يمكن للطرف الآخر تركيز كلماته على ما تريد أن تجادله فيه ،
و لكي يمكن للمتابع الإستفادة بقيمة ما بعد أن يقرأ أو يسمع لكما ، و لا يشعر أنه أضاع وقته في مجرد تراشقات حوارية لا "غاية" لها !




و إستكمالاً لأنواع الحوار بعد أن فصلت شكل الحوار المثمر أذكر الآن بعضاً عن الحوارين:
العقيم و الهدام !

- الحوار العقيم هو الحوار الذي لا منتج له و لا ضرر منه سوى إضاعة الوقت و الجهد ،
هو نوع الحوار الذي تراه في 90% من حوارات التوك شوز و 50% من حوارات العرب !

* و للحوار العقيم أنواع عدة :

- الحوار السفسطائي :

و هو الحوار الذي يستخدم فيه المتحاورون خدعاً حوارية أو فلسفية - متقنة أو مكشوفة - لكنها تمر على المستمع و لا يميز الخلط و الخداع فيها ،
فيحسب المستمع أن كلا الطرفين على حق رغم أنهما متضادين في الفكر و الفكرة !

و هو حوار عقيم لأنه لم يصل إلى نتيجة لا للمتحاورين و لا للجمهور سوى التضليل أو حتى التنفير من فكرة الحوار من أساسها ،
فالمستمع - عندما لا يستطيع تمييز الحق من الباطل نتيجة للبس السفسطائي - يضجر من الإستماع إلى تلك السفسطات و يغلق التلفاز أو يترك الندوة و هو يسب الطرفين و الحوار ذاته !
و يصل إلى قناعة أن بلاد هكذه لا تحكم بالآراء إنما الواجب و الأصح حكمها بالقهر و القمع !!

- الحوار النفاقي :

و هو ذلك الحوار الذي لا يمكن أن تجده سوى في بلاد العرب !
هو الحوار الذي ترى فيه طرفين كلاهما يتمنى أن يقوم إلى من يحاور فيقطع رأسه لكنه رغم ذلك يوغل في التزلف إليه و مداهنته بألفاظ التبجيل و الإحترام من عينة (سيادتك ، حضرتك ، معاليك) !
و هي مفردات بعضها لا أصل له في اللغة و بعضها لا معنى له في حوار بين بشر و بشر !!
مفردات سقاها لنا التعليم و الإعلام المتأثرين بالثقافة العثمانية الشديدة الطبقية و التكبر !

و هو حوار عقيم لأنه لا منتج جيد ترجوه من منافقين لا يظهرون ما يبطنون ، أو يبطنون ما لا يمكن إظهاره لخسته !
حوار عقيم لأنه لن ينتج في النهاية سوى أن كل سيبقى على ما قاله بلا إستماع للآخر و لا إستفادة منه !
كل ما ستحصل عليه هو عبارات إطرائية نفاقية من عينة (لرأي سيادتكم جزيل الإحترام و التقدير حتى مع الخلاف) أو (دي وجة نظري المتواضعة و لا يمكن تكون في وجاهة وجهة نظر معاليك) !!

ينسى المنافق هنا أن إحترامه واجب لشخص الآخر و حقه في تبني رأي خاص به و إبدائه ، و ليس واجباً للرأي ذاته !
لأن إحترام الرأي يعني بالضرورة الإعتقاد بوجاهته و بالتالي إلتزاماً أخلاقياً بالنزول عليه !
و ينسى المنافق كذلك أن تسفيهه لوجهة نظره الشخصية أمر لا يعلي من شأن ناقده إنما فقط يحط من قدر شأنه هو !!

- الحوار العاطفي :

و هو حوار مفعم بالمشاعر في غير محلها !
حوار مليء بالمزايدات بلا حقيقة ، و بالترهيب بلا تبرير ، و بالإتهام بلا أدلة أو حتى قرائن قوية !

و هو عقيم لأنه بطبيعة الحال لن يصل إلى نتيجة ،،
فهل من الممكن تصور إقناع شخص ما بغير وجهة نظره بينما هو مندفع مسترسل أثناء حوار في إلقاء خطبة حماسية عن مصيبة قادمة ؟!
و هل من المتوقع نقاشه للوصول منه إلى إيضاحات لتفاصيل تلك المصيبة ؟
بالطبع لا ،،
هو يكون مشحون كأنبوب الغاز ،، يندفع كالمدفع ثم لا تجد بعد إنتهاء شحنته سوى إناء فارغ ، و بقايا حريق ، و بعض الرائحة الكريهة !!


* أما الحوار الهدام فهو الحوار الذي يكون منشأه و مقصده التخريب عند أحد أطرافه المتحاورة أو كلها ،
تخريب وجهة النظر المقابلة بالباطل ، أو تخريب فكر و ضمير المتابعين ،

- الحوار التكسيري :

و هو موجود اليوم بكثافة و في كل بلاد العالم بين المتحزبين المتنافسين سياسياً ،
إستمع إلى المناظرات بين أوباما و منافسيه في إنتخابات الرئاسة الأمريكية ،
عمرو موسى و أبو الفتوح في مناظرتهما قبل إنتخابات الرئاسة المصرية ،
بين ألسنة الإخوان و سفهاء النظام القديم ،

الحوار يكون هداماً ،،
كلا الطرفين ليس هدفه الحق ، و لا حتى هدفه إظهار صحة ما يعرض هو شخصياً ،
لكن هدفه الأسمى و الأهم هو "تكسير خصمه" !

هذا النوع هو أحد أسوأ منتجات الديموقراطية على الإطلاق ،
و الوقاية منه في رأيي هي إتباع الأمر بعدم التحزب الذي يمليه علينا الدين الإسلامي الرشيد.

- الحوار المونولوجي :

هو الحوار الذي له طرفان لكنهما في الحقيقة طرف واحد !
هو ذلك الحوار الذي كنت تسمعه قبل الثورة من ماسبيرو و اليوم تسمعه من قنوات الإخوان ،
هو الحوار الذي يعرض طرف فيه أفكاراً فيطرب لها الطرف الثاني و يثني عليها ليؤكدها ،
و ربما نقدها نقداً ساذجاً بسيطاً فيرد الطرف الأول على هذه السذاجة بحجة ضعيفة لكنها مقارنة بالنقد الأبله تكون قوية مقنعة لعقول البسطاء !

هو حوار هدام لأنه يبني فكرة أحادية الرؤية حتى و لو كانت صحيحة ،
و على أرض الواقع هي - في الأغلب - تكون فكرة ضالة فاسدة ، و إلا لِمَ يخْش صاحبها من طرحها في حوار حقيقي ؟!

- الحوار الصدامي المصطنع :

و هو الحوار الذي يتفق فيه الطرفان المتحاوران سلفاً و سراً على أن يبدوان متخالفين متشاحنين لكي يحققوا لأنفسهم من وراء ذلك مصالح لشخصيهما !

فبإختلافهما و بإعلان ذلك الإختلاف سيبدو القوي منهم متسامحاً لأنه يسمح للآخرين بإنتقاده ،
و سيبدو الضعيف منهما مناضلاً لأنه لا يخشى في الحق لومة لائم !

و فائدة أخرى تتحقق لهما بأن يعلم المتابعون أن هناك من يقوم بدلاً عن المجتمع بفرض الكفاية في تقويم الأقوياء و الصدع بالحق ،
هنا سيستفيد القوي بأن المعارض الحقيقي سيلتفت لمصالحه الشخصية تاركاً المناضلين المنافقين يقومون بدوره لأنهم أكفأ و كثر خبرة ،
و سيستفيد المعارض المنافق إحتكاره لتلك المكانة المجتمعية و لذلك الأجر الذي يقبضه من القوي مقابل أداء دوره في تلك التمثيلية الهابطة !

طبعاً لا داع لأن أذكر أنه حوار هدام لأنه يضلل الناس و يعمي ضمائرهم و ينشر الفساد و يُـمَـكِـن للظالم ،،
و طبعاً لا داع لأن أذكر أن أوضح مثال لذلك النوع من الحوار هو حوار "مبارك" مع حزبي "الوفد" و "التجمع" ، و حوار "الإخوان" مع حزبي "الوسط" و "الحضارة" !!


* اللهم أخرجنا من أرض الجهالة و الكبر و النفاق !!
و أخرجنا من أرض البَلا بِلا بَلا

(أخرجنا من أرض البَلاء بِلا بَلاء و حدفت الهمزة للتسهيل)





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق