السبت، 29 ديسمبر 2012

توقف"مصنع الدين"عن إنتاج الفقه،بين:خراب"المكائن"،و"العوز"الحاصل من نقص المنتج،ومحاولات توفير"البديل"





* الفقه هو "المنتج" الإسلامي الفكري الذي يفترض فيه دوام إستمرارية الإنتاج ،،

فيمكن أن ينهي جيل ما تفسير القرآن أو جمع الحديث و لا يبقى إلا إضافات بسيطة على فترات ،،

أما الفقه فهو إحتياج يومي بل "لحظي" إن شأت الدقة ،
الفقه هو إنزال "النصوص" على "الواقع" لإستنباط "الأحكام" ،،
الأحكام التي تسير "كـل" جوانب معيشة المسلم الممسك على دينه سواءاً بالتكليف الصريح أو بوضع المحددات التي لا ينبغي تجاوزها .


* إذا فالفقه يحتاج إلى :

- ذاكرة "تحفظ" النصوص ، و الآثار ، و السيَر ، و إسهامات السابقين ،
- و عقل "يفهم" كل ذلك ، ثم "يحلله" فيفهم مقاصده ، ثم "يقيمه" و يأخذ منه و يترك ،
- و حكمة "يستوعب" بها الواقع ، "ليستنبط" الحكم الفقهي و يقدمه لغيره ممن لا يمكنه فعل ذلك لعجز في علمه أو وقته .


* و المرض الفكري المتفشي اليوم كنتيجة لإنتشار الفكر السلفي هو:

-  تخصيص القدر الأعظم - إن لم يكن القدر كله - من الجهد للبند الأول ،
- ثم الإكتفاء و الإنكفاء على "فــهــم الــســلف" !!
- ثم يشرعنون هذا الإكتفاء الحصري بل و يشرعنون المذهب كله بلي عنق حديثين متعددي الرواية ،
- ثم يغالطون في تفسيرهما بما يرفضه و لو عقل طفل !!
- ثم لا يلفت إنتباههم أنهم لم يجدوا لمذهبهم سنداً و لو بآية واحدة في القرآن الكريم !!

(حديث خير القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليه ، و حديث إتباع سنن التابعين المهديين بعدي)


* الحقيقة أن ضعف العقول لدى هذا التيار هو دافع ، و نتيجة ، و منبع إشكال لذلك المبدأ و أصحابه و المجتمع عموماً "الإلتزام الحصري القطعي بفهم السلف" ،

- فهو دافع لمن لم يكن له حظ وافر من العقل لأن يختلق أو يحي مذهباً يستورد فيه عقل غيره لأن عقله هو غير كفؤ ،،

- و النتيجة الطبيعية من سنين أو عقود من "الإلتزام" على هذا المبدأ تأخذ بلا شك من قدرات العقول التي تمارسه ،،

- و عندما يجتمع العاملان السابقان ستجد أن التمايز و التفاضل بين هذه المجموعة البشرية بالتأكيد لن يكون على أساس العقل و العلم ،،

فالعقل "مسفه" قدره بحكم إستحباب إيقافه عن العمل كمبدأ أصيل ، فلا حاجة إليه فقد تم إستيراد منتج "عقول السلف" !

و العلم لن يكون مقياساً لأن أداة قياسه - مثل أداة قياس أي علم "جودة و كمية المنتج العلمي" -  ستكون معطلة تقريباً ، فالمنتج موروث أو مستورد و ليس محلي و زماني الصنع !

فيصبح التمايز الذي ينتج تفاوتاً بين الأفراد في هذا التيار شيء آخر بالضرورة غير قوة "العقل" أو "جودة و كثافة العلم" ،،

سيكون بالتأكيد أمراً آخر ،، و لأن "اللوحة" نفسها رديئة أو معدومة المحتوى ، فبالتالي سيحصل التمايز بشيء من "الإطاريات" المحببة ،،
فيكون الفرق بين الفرد العادي و بين من ينتمي لفئة "العـــلـــمـــاء" هو حلاوة اللسان ، أو خفة الظل ، أو طول اللحية !!


* كل هذه المفاسد بالمناسبة ليست هي المشكلة الكبرى ،،

الأهم من كل ذلك بالنسبة للإسلام و لعموم المسلمين هو توقف "مـصـنع الـدين" عن الإنتاج و بالتالي التسويق و التوزيع !!

نعم ،، فالفقه كما قلنا هو "المنتج" الأكثر طلباً و إحتياجاً بين المسلمين ، و هو كما شرحت يحتاج إلى "عـقل" و "حـكمة" عدمها أكثر من صدر نفسه اليوم للفتوى و الدعوة ،

فأصبح الناس اليوم نتيجة لهذه "المصيبة في الدين" التي إستعاذ منها رسولنا الكريم ، و نستعيذ منها كثيراً في دعائنا :

-  إما محب للدين خائف عليه لكنه يرى الحل في الدفاع عنه بأي وسيلة حتى و لو كانت الباطل ذاته !

- و إما كاره للممارسات السفيهة من "العلماء" مجاهراً بكرههم ، و أحياناً يختلط عليه الأمر لجهل فيذهب بعض كرهه للدين ذاته ،

- و إما أحد ندرة محبة للدين تحاول تقديم إرتجالات و إجتهادات شخصية من باب حماية الفئة الثانية من الوقوع في الإلحاد من هول ما يروه من حمق ممارسات الفئة الأولى !!


* أحبائي و أصدقائي و أعدائي :

إذا كان هناك مصاب على طريق ، و أدركه شخص ما ، فالتصرف الأمثل المبني على نية طيبة سيكون على حسب قدرات هذا الشخص :

- فهو إما سيصرخ طالباً النجدة ،

- أو سيحاول إرتجال الإسعافات الأولية من تراكمات ذاكرته و فهمه ،،

- لذا فاليوم أستعجب على من يلوم على "الصارخين" في وجه دعاة الفتنة و الضلال !
و أستعجب على التندر و المعايرة لمن يحاول أن "يرتجل" من تراكمات ذاكرته و فهمه ما يدفع به أذاهم !

- و أستعجب كيف لا يدرك " اللائمون" و "المتندرون" أن العقوبة و التقريع يجب أن ينصبا على رأس "المسؤول" الذي لم يوفر "الخدمة" من الأساس لإسعاف المصاب ،
أما من حاول مساعدته بشكل غير مدروس فلا ملامة عليه بل إنه قد يستحق التكريم !!


* إلى الإخوة "ألتراس مشايخ" :

- لا تحزبوا عباد الله و لا تنادوا بعصبيات كعصبيات الجاهلية ،،

- لقد ضيع جيلنا تحصيل العلم الشرعي ، و ضيع الجيلين قبلنا فهمه و تطويره ،
أنفني جهدنا للدفاع عمن يحملون "أمـانة" فرطوا فيها على درجات ،، أم نبذله في صيانة الأمانة نفسها ؟؟!!

- الأصل نشر دعوة الله و ليس حراسة الدعاة ،

- و الأولى صيانة الدعوة بدلاً من "تلصيمها" ،

- و التكليف الأوضح : أن ننصر إخواننا و هم ظالمين بأن نمنعهم بأيدينا و ألسنتنا عن أن يتموا ظلمهم للآخرين ، لا أن نحميهم - بالباطل - ممن حاولوا أن يدفعوا ذلك الظلم !!


* إمنعوهم عن ظلمهم ،
و لا تمنعوهم ممن يمنعوهم عن ظلمهم ،
و لا تمانعوا جهد من يدافع ذلك الظلم !!


* قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(إن الله لا يقبض العلم إنتزاعاً ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالماً إتخذ الناس رؤوساً جهالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا) .

اللهم إني أعوذ بك أن أضِل أو أُضل ،
أو أن أجهَل أو يجهل علي .



هناك تعليقان (2):

  1. يعنى كدة انا ماشى صح ... بارتجل اسعافات اولية من تراكمات دراسات اولية بعيدا عن هؤلاء الماكينات العطلانة

    ردحذف
  2. أكيد صح ،، و أكيد تستحق الإحترام و ليس التقريع ،، و بارك الله فيك و في من أعان الناس على إعمار أرض الله بدين الله ، و وقانا شر الفتنة في الدين.

    بالمناسبة تقدر تعلق بإستخدام فيسبوك كمان لو تحب :)

    ردحذف