الأحد، 26 مايو 2013

تراكم العلوم و الأفكار،وبقاء الرديء من العلوم الإنسانية لإيقاف الإنتخاب الطبيعي،والحل:(ترك كل القديم)!






* هل تعلمون ما هو سبب عبثية الفكر الحداثي؟

السبب هو أنه في آخر ثلاث قرون تراكمت علوم و دونت أفكار تقريباً مساوية لكل ما تحصلت عليه و أوجدته الإنسانية منذ بداية خلق البشر !

هذا الكم الكبير أثر في البشرية بطريقتين :

1- الإنسان أحس أنه مختلف و قادر على كل شيء تقريباً - أو هكذا صور له غرور محدث القدرة و خسة العبد الآبق رغم كرم سيده و إقتداره عليه ! - ،
هذه القدرة المتوهمة جعلته يتكبر على عبادة الآلهة سواءاً كان رب الكون الحقيقي أو أرباب الخرافات الذين تذخر بهم ثقافات عدة .

فإدعى الإنسان المغرور أنه تارك للأديان في حين كان في الحقيقة يؤسس لدين جديد ، دين حقيقته و مبتغاه "عــــبادة الهــــــوى" !
لكن ذلك النوع من البشر إتخذ له ستاراً سماه "إتـــباع العـــلم" !

و لكن الزيف ينكشف دوماً عندما يصطدم العلم بالهوى (كالتدخين مثلاً) فتجد سدنة "دين العلم" من الحداثيين ينكصون إلى دينهم الحقيقي "عبادة الهوى" فيشرعنون منظومة أخلاقية جديدة تبيح كل هوى شخصي تسمى "الليبرالية" ، و أخرى تشرعن كل هوى مجتمعي تسمى "الديموقراطية" !

2- الأثر الثاني للتدوين الفكري هو تراكم أفكار كثيرة سفيهة ،
ثم أضيفت لتلك الأفكار الرديئة مكانة سامية بأن أصبحت تدرس فيحفظها ملايين البشر بل و قد يتبنونها كمرجعية كذلك !

عشرات من الأفكار الغثة التي بنيت عليها آلاف الكتب و الرسائل البحثية التي عاملتها على أنها فلسفات معتبرة مستحقة للدراسة و التطوير ،
رغم أنها أفكار فاسدة كانت ستموت بفعل عدم نقلها من طلبة العلم لردائتها لو كنا في عصور العلم الحقيقية و ليس عصر الدراسة من أجل شهادة تساعد في إيجاد وظيفة !

* أذا ما الحل ؟
لهذا حديث تالٍ سيغضب علي الجميع تقريباً سوى المعتنقين لمذهبي الفكري الشاذ في عصر سيادة فكر العوام !


إن تراكمات الأفكار الغثة في العلوم الإنسانية حالياً أصبحت أمراً ضره أكثر من نفع تراكمات الجيد منها ،
و أصبح حتى تركها و العيش بالفطرة وضع أكثر نفعاً للبشرية من الإلتزام بحماقاتها و دفع كلفة درسها ، و تدوينها ، و تحمل سفاهات كثير من حاملي شهاداتها !!

* الحل في رأيي هو :

--- ( تــرك كـــل القـــديم ) ---

قبل أن تسخر أو تستدعي من سمعياتك التاريخية حريق مكتبة الإسكندرية ، أو نهر الفرات الذي تحول للون الجبر من أثر مذبحة الكتب التي وقعت على ضفافه أدعوك أن تتريث و تفكر معي :

- ما الذي ينقص جيلنا و يمنعه من تقديم أفهام جديدة بالكلية للإنسانية في علوم النفس و الإجتماع و الفلسفة و الإدارة و حتى الفقه الديني ؟!

- ما هي أفضلية عقول فرويد و إبن خلدون و أرسطو و الحجاج و إبن حنبل على عقول أبناء جيلنا كي لا نستحل لأنفسنا ما إعترفنا لهم به من أهلية لوضع فكر جديد مؤثر في الإنسانية ؟!

- لماذا نشعر بذلك الكم من الدونية لأنفسنا ؟!

- لماذا لا نعترف برجاحة عقل و فكر أحدهم إلا بعد أن يموت ؟!
هل شهادة الوفاة هي أحد أوراق قبول مظروف العطاء في الفكر الإنساني ؟!


* جيلنا الحالي لديه "متحصلات معرفية" و "تعقيد فكري" و "وسائل معاونة بحثية" لم يصل إليها جميعا جيل من قبل :

- نحن اليوم نمتلك كل العلوم الطبيعية و النصوص الدينية مدونة و متاحة للجميع لحظياً و مجاناً !

- و عوام بشر اليوم - بسبب إنفتاح الثقافات و وسائل الإعلام - لديهم تراكم خبرات فكرية و عملية لم تكن متاحة في الأزمان السابقة سوى للحكماء بعد أن يكونوا وصلوا إلى الشيخوخة فخبروها هم بأنفسهم واحدة تلو الأخرى !

- و اليوم لدينا حواسب ستساعد طالب الإبتدائي أن ينهي في ثانية عمليات أرشفة كانت ستستغرق من الجبرتي جهد عام !
و إنترنت سيجعل طالب سنة أولى شريعة يحصل في خمس دقائق على كم معلومات كانت ستستهلك من أحد محققي الحديث وقت و جهد رحلة من الشام إلى اليمن !

* بالله عليكم بعد كل ذلك ألا يكون من السخف و الخسة أن نشعر بدونية نحو المعاصرين و أن نعاملهم من منطلق أن زامر الحي لا يطرب ،
ألا يكون من التطاول أن نسوق لهم في نقاشنا معهم آراء القدماء على أنها حجج دامغة منزهة و ليست مجرد آراء بشر آخرين ؟!

* أدعوا كل حكماء هذا العصر من المؤمنين أن يحيدوا "كل القديم" و أن يستخدموا ميزات العصر في إعمال عقولهم الجيدة على العلوم الطبيعية و النصوص الشرعية لصناعة فلسفة عقائدية إجتماعية إقتصادية سياسية جديدة تكون منهاج البشرية في عصر لم يعد يحتمل جمود فهم "مقدسي السلف" و لا "هرطقات جرامشي و جون لوك" !




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق