الجمعة، 13 يوليو 2012

تفسير الحيرة المبررة في مواقف الفلول الطيبين ، و في جودة المبدأ و سفه التطبيق لجماعات الإسلام السياسي






في ظل التجريف الفكري و السياسي و العقائدي و الإنتمائي المتعمد من بلدوزورات إعلام و تعليم و شرطة مبارك كان هناك منتجان ،،
منتجان (سطحيان) نعاني منهما إلى الآن و يسببان لنا معظم إشكالياتنا السياسية و الدينية اليوم ،،

المنتج الأول :

هو السطحية الفكرية ،، أن يكون كل فكرك قشرة لا عمق لها ،، و لم يكون لها عمق يبذل في صناعته جهد و الأمر كله لا طائل من وراءه ؟؟!!
الحل الأمثل الذي يصدره لك أسلوب الحياة تلك هو أن تكون (ثوراً في ساقية) نهر المطالب و الحاجات الإستهلاكية ،، مهما إجتهدت فستتضاعف إحتياجاتك ،، و مهما أنتجت فالعائد دوماً أقل من الجهد ،،
دائرة صنعت لك بتخطيط محكم لتحقق هدفين :
- أن تظل مغماً بغمامة ثور الساقية فلا تفكر ،،
- و أن تكدح لتنتج كثيراً لمستعبدك القريب من الحاكم ،، ثم تقبض ثمناً بخساً لجهدك ، فقط لتنفقه في شراء بضاعة مستعبِد آخر !!

هذا الشكل من المواطن (ثور الساقية) ستراه هو من دوماً يجري لكل ما هو إستقراري مهما كان كسر المبادىء أو بيع الكرامة التي ستكون في سبيل ذلك الإستقرار طالما ضمن ذلك إمكانية توفير (العلف) ، و ضمن ذلك أمان (الزريبة) !!
هذا المواطن هو (المواطن المثالي) لكل أنظمة القمع لذلك حرصوا على صناعته ، و تكريمه بالوظائف و المكانة العلمية ليكون قدوة لباقي المواطنين فيسيروا على نفس خطا إستكانته لينالوا نفس المكانة !!
هذا المواطن لا يهم كثيراً مدى تدينه ،، فلتكن سلفياً أو تكن ماجناً ،، لا يهم ،، صحيح أن التخوف قائم دوماً ممن له مرجعية أخلاقية او دينية ،، لكن طالما لم تتداخل هذه المرجعية مع الإنبطاح أمام إملاءات الحاكم فلا بأس !!

لكن تبقى هناك إشكالية ،، ماذا لو تكم من دائرة المحظيين (المستعبِدين الجدد) ، و لا من (ثيران الساقية) ؟؟!!
ماذا لو كنت لا تقتات على الأعشاب ؟؟ ماذا لو كان لديك أنياب ؟؟
ماذا لو قررت أنك لن تكتفي (بالعلف) و تريد أن تغذي باقي عوامل إنسانيتك من عقل أو كرامة ؟؟!!

عندها أنت خطر محتمل ،، و عندها ينتج المنتج الثاني :

فلمثلك طريقين يتحددان حسب مبادئك ،، المنتج السيء هنا هو حصر كل إختياراتك في إثنين فقط ،،
و هنا تكمن السطحية المقيتة :

1- فلو كنت ذو مبادىء مطاطة ، لا تكترث كثيراً لشرعية الأشياء و المنفعة لديك هي الغاية و الوسيلة ،، فأنت بالتأكيد مرشح جيد لتكون أحد خدمة النظام ،، حزب ، جهاز أمني ، حاشية مستعبِد رأسمالي ،،

2- و إن كنت غير ذلك (رغم شدة إتساع إختيارات الطيف) فلا حل لديك إلا أن تكون من الإخوان إن كنت في وجه بحري ،، أو الجماعة الإسلامية في الصعيد !!
صحيح أن هناك خيارات أخرى لكنها غير متاحة إلا لعشرات ممن يمكنهم الوصول إلى بورصات وسط البلد لينضموا إلى الإشتراكيين أو جمعيات حقوق الإنسان !!   

و بسبب أتساع ذلك الطيف المتاح ممن لم يقبلوا بالأستكانة ، و لم يقبلوا ان يخدموا في بلاط الحاكم ينتج ذلك المنتج المحير :

- كيف يمكن أن يمارس مثل ذلك المناضل سفاهات واضحة لمتوسط العقل ؟؟!!
- كيف يستقيم وجود قامات شامخة علمياً و خلقياً وسط هذه الجماعات ، و مع ذلك لاهم يتركونهم ، و لا هم يمنعونهم عن هذا السفه ؟؟!!

حيرة يقع فيها الغالبية العظمى من الناس ،،
لكني لم أقع في هذه الحيرة طويلاً ،، ليس لنفاذ بصيرة مني و لكنه لعنصرية بغيضة أتمتع بها منذ نعومة أظافري !!!
أعترف أنني عنصري ..... عنصري ضد الغباء ،، و كل مسبباته و ممارساته ،،
و قد كانت هذه العنصرية سبباً في تركي لتلك الجماعة بعد عام من الإلتحاق و انا إبن الثالثة عشرة !!
تركتهم بعد أن أعيا منطقي و أنا في ذلك العمر منطق أحد أبرز قيادات مدينتي و هو الطبيب إبن الثلاثين عاماً مما إضطره للضغط على زر (الطاعة) لإسكاتي فأبيت و إنصرفت عنهم !!

* إن سبب تخبط الإسلام السياسي ليس سوى أن من تصدوا للأمر فعلوا ذلك في زمن إستضعاف ،، فكان منهم الجيد و الخبيث (عقلياً) ،،  
ثم لتفاعلهم في ظل ذلك الإستضعاف كان همهم أن يجمعوا من حولهم ما إستطاعوا من ( أعــداد ) من الناس ،،
فإتبعهم (المستضعفون) ،، ثم إتبعهم (العشمانون) في التمكين ،، ثم تجانست الخلطة !!

- نعم حدث هذا مع كل دعوة جديدة حتى مع الرسل "اللذين دوما لامهم أهليهم أن اتبعهم السفهاء و العبيد و المستضعفون أول الأمر"  ،،
لكن أولئك الرسل كانوا مدعومين من العلي القدير ،، و كانوا يحملون رسالة ،،و هنا مربط الفرس ،،

فوسط (الأكثرية) من السفهاء و المستضعفين حول الرسل ،، كان هناك أيضاً (أقلية) نابهة ، و (أقلية) نبيلة ،
و كان هناك الرسول نفسه محصناً برسالة محكمة و تأييد رباني بمعجزات ،،
و كما كان كل رسول لا يصد السفهاء و المستضعفين ،، فقد كان أيضاً يمكن ( للنبهاء ) شرح الرسالة و توصيلها للآخرين ،، و يمكن ( للنبلاء ) دفاعاً عن الدعوة ذاتها ضد إعتداءات كارهيها ،،

- لكن أصحاب دعاوى الإسلام السياسي الأعلى صوتاً في زماننا أصلاً لا رسالة لهم ،، هم دوماً رد فعل ،،
و وسط خلطة الأكثرية السفيهة و المستضعفة لا يوجد رسول معصوم مؤيد بطبيعة الحال ،، لكنهم لطغيان فكر الأكثرية يطردون أو يحيدون القلة النابهة و النبيلة بينهم !!
هم دوما مناوؤن لحاكم يرونه فاسقاً أو يرونه ظالماً ( و صدقوا فيما رأوا ) ،، لكنهم لا يعرفون ما هو البديل في حال جلوسهم محل ذلك الظالم الفاسق !!!

لن أظلمهم بالقول أن ماهم فيه اليوم كان من حصائد أعمالهم ،،
فكلنا وقع تحت براثن أولئك الظلمة الفسقة اللذين عن عمد واحتراف جرفوا كل عوامل الشخصية و العقل في المجتمع ،،

لكن خطيئة الإسلام السياسي الكبرى هي تأصيله لأن يكون التفاضل فيه بالوصول الى صفوف القيادة مبني على الأقدمية ، أو العلاقات الخاصة ، أو حلاوة الخطاب ،، و لم يلتفت الى الكفائة ،،
فأصبح منتجه يغلب عليه طابع السفه كمنتج منطقي لقيادات ليس العقل معيار تميزها ،،
و أصبح حكماؤه بين ثلاثة إختيارات كلها مر :

1- إما الإنقلاب على المجموعة السفيهة و محاولة تكوين جبهة مناوئة ،
و في ذلك خطر التفتت خصوصاً في أزمنة القهر التي كان مجرد الإستمرار فيها معجزة  ،،
و نادراً ما يسلك العقلاء و النبلاء ذلك المسلك ،،
فلم أسمع عن منشق عنهم ذو عقل و ضمير ينقدهم علناً قبل الثورة ، و من فعل ذلك بعدها أراهم إلتزموا مبدأ المناصحة ، و لم يميلوا إلى محاولة تقويض الكيان نفسه .

2- أو ترك الجماعة التي تسعى (نظرياً) لنصرة الحق شريعةً و سياسةً مجتمعية ،
فيصبح الحكيم بعيداً عنهم كماً مهملاً مهدر القدرات ،،
و هو قدر مر كتب على المنشق ،، لا يتحمله إلا من إختار ذلك الطريق الصعب ،،
إختار أن يكبح كبرياءه في الإعتراف بالخطأ في السكوت طويلاً ،،
و إختار أن يعيش غريباً وسط الجميع ، يرمقه مخالفو الجماعة بخليط نظرات الشك و الشماتة ، و يقرعه جنود الجماعة بالسخرية و المعايرة بذلك الوضع الجديد من (الغربة) !!
من منكم يذكر منشقاً سفيهاً أو خسيساً إنشق بعد زوال الإستضعاف ؟! أنا لا أعلم لذلك مثالاً ، و المنطق لا يجعل ذلك وارداً .

3- أو أن يكون أضعف من ذلك الخيار ،، فيقرر الإستمرار على مضض و تكرار مناصحة غير مجدية على أمل أن يقضى الله ما يشاء ،
و أظن هذا ما كان و ما زال إختيار معظم حكمائهم ،،

و لهذا السبب لا تدع وجود أسماء جيدة بين تلك المجموعات يخدعك عن حقيقة سفه سلوكها .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق