الجمعة، 6 يوليو 2012

الميل العربي للتفتيش في الضمائر و الحكم على شيء حتى و لو بالهوى ، بين المنطق الحضاري و الشرع



من العيوب الأساسية في الشخصية العربية صفة حتمية الحكم على كل الأشخاص و التفتيش في الضمائر ( Judgmental mentality )
حتى مع إنتفاء الحاجة لذلك ،،

- إذا مر من أمامك ملتحي فلابد أن تتنابز عليه سواءاً بالمدح او القدح مع من يجالسك على المقهى ،،
- إذا رأيت شاباً وفتاةً فبعد أن تفندهما ستؤكد لنفس رفيق المقهى كيف انهما ذاهبان إلى شقة العجوزة !!
- تلك السيارة المسرعة التي يقودها الشاب لابد بالضرورة ان (أمه اللي جايباهاله) ،،

لو كنت على بعض من الخلق قد لا ( تلت و تعجن ) في ذلك مع زميل المقهى ،، لكني أكاد أراها في عينيك تعتمل داخل نفسك !!

* الأصح فيما أرى أن الأولى منطقياً ألا تمارس تقييم الآخرين سوى عند الحاجة لذلك ،،
و أن لا تمارس أبداً التفتيش في الضمائر .

و حتى عند الحاجة إلى ذلك التقييم فلابد أن ينحصر فيما يخص تلك الحاجة فقط ،،

- فمن طلب شراكتك في أمر ما - عمل أو مكان حق لك تقييم أهليته لهذا العمل ،، إلى جانب تقييم ما ( أظهر ) لك ذلك الشريك من نوايا ،،
و ليس لك من باقي أمره من شيء .

- و من طلب شراكتك في الحياة حق لك تقييم دينه و خلقه ، و كذلك تقبلك لهيئته ،،
و ليس لك أو لكي من باقي أمره من شيء .

- و من طلب عليك ولاية - بحقها حق لك تقييم كفائته ، و سابق أفعاله ، و ( الظاهر ) من نواياه ما إستطعت عن فهم و قدرة ،،
و ليس لك من باقي أمره من شيء .

- و إن كنت أنت ولي الأمر حاكماً أو راعياً أو قاضياً أو حتى أباً ،، حق لك الحكم  - في أو على من وُليت أمورهم بما ظهر لك من فعله ، و ما ( أظهر ) لك من نواياه ،،
و ليس لك من باقي أمره من شيء .

* في رأيي تلك الأمثلة الأربعة فقط هي كل مبيحات " علنية " تقييم إنسان لآخر في من ليس بينك و بينه عداوة ،، فتلك الأخيرة قد توجب أو تبيح انواعاً أخرى من التقييم ،،
و ما تجاوز ذلك من سرائر النفوس أو حتى من ظاهر الأمور فتقييمه حق أصيل يتفرد به الرقيب الحسيب ، المطلع على الضمائر و مقلب القلوب .

* و أستدل على وجوب ترك تقييم الآخر إلا فيما سلف من أمثلة إلى أن الفعل ليس بالضرورة هو منتهى الحدث ،، إنما تسبقه النية ،، و يليه الظرف ،،
و لا مطلع على النوايا و لا محيط بكافة تفاصيل الفعل و الظرف سوى الله العليم البصير ،، لذلك فهو و هو وحده أهل الحكم الكامل على " كل " الأشخاص و الأمور .

* فكمثال :

لو إتفقنا على تجريم الرشوة ،، و بفرض تساوي مقدار تلك الرشوة و أثرها ،،
ستجد أن أربعة أشخاص مرتشون في مواقف مختلفة ستعاقبهم قوانين البشر عقوبات متماثلة ،، بينما يحاسبهم ربهم على مراتب متعددة ،،

- فهناك من يرتشي و يستحل الرشوة مبدأً و عقيدةً ،،
فذلك أخبرنا الشرع أنه إما أن إلهه راحمه ،، أو معذبه عذاب ذنب ( الكفر ) لأنه إستحل ما حرم الله عن عقيدة بإباحة ما هو معلوم حرمته من الدين بالضرورة .

- و هناك من يرتشي عن جهل ، أو حمق ، أو غفلة ، أو ضعف حاجة ،،
فذلك حسابه عند ربه إما الرحمة ،، أو أن يحاسبه حساب العاصي ،، و يحاسبه الحكيم الرحيم على قدر عقله ، و على قدر ما تيسر له من العلم أو العزيمة .

- و آخر يرتشي في وسط بيئة عامة سهل ولي أمرها الفاسد كل سبل الحياة لتناسب رذيلة الرشوة ،،
و ذلك كلي أمل في رحمة الله أنه لن يحاسبه حساب من يسرت أسباب العفاف من حوله ،، ثم صنع شيطانه مع نفسه الأمّارة بالسوء بقعة دنسة في ذلك الثوب الأبيض عن تعمد لإفساد ، و شهوة لأذى !!

نوايا  ،،   أفعال   ،،   ظروف

* صديقي البشري لا تعلم شيئاً عن الأولى ،،
و لا تلم بكل تفاصيل الأخيرتين ،،

فلا ترهق نفسك في إصدار أحكام لا تضيف شيئاً ،،
و حتى فيما لك فيه حق الحكم ،، فلا تتجاوز مساحتك و قدرك !!

#إعرف حجمك  :)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق