الاثنين، 12 ديسمبر 2011

مدارسنا و جيوشنا بين الماضي و الحاضر و المستقبل





- لو بحثنا  موضوع الصلف العسكري و كيفية التغلب عليه فعلينا النظر للجذور و بترتيب الحدوث :


أولا:


التربية العربية الحديثة هي اللاتربية مهما تخيلت ،
فارتباط الابن بوالديه بذلك الشكل المرضي الذي لم يحدث في تاريخ الأمم السابقة و الحالية هو مفتاح قصور الشخصية لدى الجيل الحالي من تكاسل و ضعف النخوة و حب الحياة ،،
مهما تغنى المؤيدون لهذا الاسلوب بـ "حنية"  مشاعر الأبناء "المنتجين" بهذه الطريقة !!
و لهذه الممارسة الدور الأكبر في انتاج جيل "طري" لا ينافس مطلقاً أجيال صناديد العرب ، اللذين كانوا يسترضعون في بلاد غير بلادهم ثم يعودون ليكون الفتى رجلاً و البنت إمرأةً من سن السابعة !!
كما لا يجعله منافساً حتى لأبناء شعوب الغرب ، اللذين يتعلمون كيف يقيمون حياتهم من سن السادسة عشرة ،،  
فيكون لصاحب الثامنة عشرة حياة أسرية مستقلة مع شريك آخر ، و على جواز سفره ختمين او اكثر لبلدان غير بلاده !!

- و لذلك ارى تطبيق النظام الاسلامي في التربية و اللذي يحتوى كجزء منه العقاب البدني من سن العاشرة و يأمر بالمصاحبة في سن الرابعة عشر ،
و ليأتني من يناصر التربية الحديثة "الأكذوبة" بمثال واحد ناجح لشخصية متكاملة الجوانب كانت نتاجاً لأسلوبهم التربوي المفترض.


ثانياً :


- نظم التعليم السفيهة التى اغرقنا بها نظام مبارك ، و صورت لنا أن النجاح في الحياة يساوى التفاني في مذاكرة و عمل ،
أراها سبباً في انعدام  الابداع العلمي نفسه ،، لإنشغال المجتهدين بالتحصيل فالتطبيق فالتميز ،، بعيداً عن الجهد الطويل الغير مضمون النتيجة في البحث و الإبداع العلمي .

- بالاضافة إلى أن الثقافة العامة و المعرفة الدينية لدى اجيال عديدة لم تجد متنفساً حتى سن الأربعين خارج نطاق "المذاكرة" أو البحث عن وظيفتين ، و الربط في ساقية الحياة ،،
لنتحول من بشر الى ثيران تحفظ الكثير من العلوم !!

- و عليه أرى بضرورة تدريس علوم الفكر و الكلام "الفلسفة و المنطق و الاجتماع" في المراحل الأولى للتعليم ، لإعداد العقل لإستيعاب العلوم الأخرى و الحياة عامة ،، من منظور فهم و تحليل ثم اضافة شخصية ،، و ليس تلقيناً و طبعاً يجعل حتى أعتى المتعلمين مجرد آلات مرددة بلا عقول !!

- كما ارى بفصل الطفل تدريجياً عن الأسرة ،، حتى يصل الأمر إلى أن يذهب للبيت بعد الدراسة لوقت لا يستغرق أكثر من ساعتين يليهما ساعات النوم ،
فالطفل هو ملك لربه ، ثم لنفسه و مجتمعه ، و ليس ملكاً للوالدين ،، اللذين يعتبران أن لهما حق أصيل في طبع غبائهم أو جهلهم الفردي على تلك المادة الخام !! التى كثيرا ما رأينا فساد جيدها من سوء التنشئة .

- على أن يكون في المدارس برنامج تعليمي تغذوي رياضي ثقافي معرفي متكامل ، على يد أكفاء من المعلمين ، و على ان يكون المعلم هو الفئة الأعلى تدريباً ، و إحتراماً ، و دخلاً ايضاً في المجتمع .
أحلم منذ صغري ألاّ أنظر لمدرس الفيزياء نظرة إحتقار و هو يفغر فاه  غير فاهم و أنا أضع قانوناً جديداً لحساب نصف قطر الأرض و أنا إبن الخامسة عشرة !!!

- كما أرى ان يبدأ الذكور منذ المرحلة الثانوية في التدريب العسكري داخل المدارس ،، بما يأتي بثمرات كثيرة منها :
* إستيعاب الطاقات الجسدية لتلك المرحلة ،،  
* الإعداد الحقيقي لفرد مقاتل وجب أن يكون عليه كل مواطن ،،
* تعلم النظام في القيادة و الإتِّباع : "اذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم" و حتى قوانين السير و العيش في مجموعات ،،
مهارات يثتير غيابها حنقي عند ضياع الوقت و الجهد عند مجرد الخروج في صحبة للتنزه او عند الدخول و الخروج الى و من  اماكن التجمعات !



ثالثاً :


- بناء جيش نظامي من جند و ضباط غير دائمين "أشبه بالنظام العسكري الاسرائيلي" ،،
- حيث يكون الجهاد واجباً على كل مواطن ،، حتى الغير قادر جسدياً يقوم بالواجبات المناسبة في الجيش ما دام أصلاً قادراً على العمل !!
فما مبرر ان لا يقوم طبيب بالعلاج في المستشفيات المدنية لمجرد أنه مصاب بالتعرق المرضي ؟؟ فليعالج و لا يحمل السلاح الا للضرورة ،،
و حتى صاحب الجسد العليل فليعمل و ليدرب حسب طاقته و ليوضع موضعه.


- على ان يكون التجنيد لمدة خمس سنوات للجميع تصقل فيها نفسية و جسد و مهنة الفرد و الأهم من ذلك """ عقيدته""" ليكون الجيش واحدة من مؤسسات التعليم الفقهي مكملة للمدارس .
- و بهذه الطريقة فقط يمكنك علاج نقطة تغول الضابط في أي جهاز و منصب إن أعطيت له صلاحيات و سلاح ،،
فمراعاة الله في العمل هي أقوى نظام تقويم و ردع ذاتي ،، ضمنت تقريباً دوام النصر و الإستقرار الإداري للجيوش التى حاربت عن عقيدة .


- على أن يستدعى الفرد لمدة شهر من كل عام للتدريب بعد أداء الخدمة للحفاظ على اللياقة الجسدية و المهارية ،
- و على أن يكون ذلك الشهر فرحاً للمستدعى من كل جانب بدعمه معنوياً و مادياً و التكفل بأسرة كل من بالخدمة من كل أمر كان يفترض برب الأسرة المجند القيام به ، بدلا من الوضع الحالي من الكره و النفور.
- و يكون الترقي من خلال الاختبار و ليس بالأقدمية .



رابعاً :


- في بعض الوظائف العسكرية التى تستدعي تواصل الممارسة المهنية مثل مهام التدريب التخصصي ، و الدراسات العسكرية ، و العمليات القتالية العالية المهارة ،، يجب أمرين :
* أولهما : إختيار الأفراد لتلك المهام بعد اختبارات نفسية و دينية لضمان الاستقرار النفسي و العقائدي لهؤلاء الأفراد ،
* الأمر الثاني أن يتم فصلهم جزئياً "كما هو حاصل فعلاً" عن الحياة العسكرية الصرفة ، بإلتحاقهم لدراسات تخصصية بجامعات مدنية ، و مشاركتهم في العمل في نفس تخصصاتهم بهيئات مدنية ،،
فالحياة العسكرية التامة إن استمر عليها شخص لعمره لتحول إلى كيان غير مستقر نفسياً و عقلياً ،، لما بها من صلف و قهر ،، قد يكون ضرورةً فى الحروب أو في فترات التدريب ،، لكنه مدمر إن تحول إلى أسلوب حياة .


- كما أرى ان يكون كل من الشرطة و الجيش جهازاً واحداً ،، يتنقل أعضائه من مهام التأمين الداخلي إلى التأمين الخارجي سنوياً خلال فترة أداء الخدمة ، بتدريب تخصصي لكلا الدورين ،،
فلا يعقل أن يكون الجيش لثلاثين سنة هو مجهود مهدر في حالة السلم ، إما بالتدريب أو الراحة أو مساهمات غير عسكرية مثل الانشائات ،، في حين أن قوى الشرطة يفترض بها التعرض للجهد و الخطر الدائم .

- و هو أمر على قدر توفيره لجهد و وقت مهدر يعمل ايضاً على الوقاية من أمراض أجهزة الشرطة كالتلذذ بالقمع ، أو التطبع بطباع المجرمين لطول المخالطة ، أو الفساد و الرشوة



خامساً :


- أرى - بالتوازي مع تكوين عوامل الشخصية في الذكور في ما سبق - أن يتمحور التعليم الأنثوي حول نفس العلوم الانسانية و الطبيعية و الفقهية ،، مضافاً إليها تنمية مهارات و علوم تربية الأطفال ، و التغذية ، و الصحة ، و أيضاً انظمة القيادة و الاتباع ، و التدريب الأولي على السلاح ، و التدريب البدني لتجنب أمراض العصر الناتجة عن الرخاوة و الاستدجان !  



سادساً :


- كما أرى أن يكون لكل فرد في الحياة عموماً ثلاثية من "مهنة" و "حرفة" و "هواية" بشكل نظامي ،،
و ذلك لتعظيم الاستفادة من قدرات الفرد الواحد لنفسه و للمجتمع ، و كذلك لصرف فكرة الانسان الموجه الانبوبي النظرة و الإهتمام ، لصالح الانسان الموسوعي المتفتح ،،
أنا كمثال اقترح لنفسي مهنة الطبيب ، و حرفة ميكانيكي سيارات ، و هواية الإرشاد الطبي الرياضي ، و أرجو أن يوضح شرحي فوائد اقتراحي :
* فدراستي للطب تؤهلني للمهنة المقترحة ،
*و معرفتى بالسيارات و صيانتها التى انفقت فيها شهوراً عديدة تؤهلنى بعد دراسة وممارسة لفترة وجيزة من اتمام معظم اصلاحات السيارات البسيطة لي و لعائلتى و أصدقائي ،، فيوفر هذا عن جميع هؤلاء التعطل لأوقات أطول عند الميكانيكي ،، الذي سوف يترك له إصلاح العطل المعقد فقط في هذه الحالة ، و يوفر لي مالاً و منظورا جديدا للحياة ! ،
* كماأن الهواية المقترحة باستغلال ما تعلمته كطبيب و خبراتي كممارس لنفس النشاط الرياضي ، مع إضافة أشهر تعليم و تدريب بسيطة أيضاً توفر خدمة على مستوى جيد للآخرين ،، بدلاً من تخاريف الجهلاء بالاندية و صالات الجيم !! و أيضاً تعطي منظوراً جديداًً للحياة و فرصة دخل و إشباع نفسي .



سابعاً :


- محاربة الحرمان الجسدي اللذى ابتلى به المسلمين انفسهم بلا مبرر ديني أو دنيوي ! !
بما يضيع أكثر من نصف مجهود شباب الأمة و شاباتها بين سعي للإستعراض أمام الجنس الآخر ،، أو سعي لبناء مقومات حياة في منزل الزوجية !
- و الحفاظ على الحقوق الجسدية بالزواج المبكر ، و هو أمر سيجعل كل جهد و فكر الشباب الى العبادة ، و العمل ، و التفكر في خلق الله و علومه ، و الإبداع فيها ، و إعمار الأرض ،، بدلا من تبادل الهاردات أو اللف طول الليل في سيتي ستارز !


- لكن كيف سيربي هؤلاء "اليافعون" أبنائهم ؟؟
الحقيقة أن الإجابة ببساطة هي بالفطرة التي غرسها فيهم من مكنهم "جسدياً" من الإنجاب بالأساس !! أو لا تربي القطة ابنائها ؟؟
تلك إجابة طبيعة المخلوقات على كوكبنا !! لكن رؤية تطوير ذلك تجدها في البند "أولاً" من هذا المقال .


- و ماذا عن استقرار الأسرة و نسب الطلاق ؟؟
أقول لقد فرض الزواج و أبيح الطلاق ،، و شاب فى السادسة عشرة من عمره مر بأسلوب تعليم و تدريب كما ذكرت في هذا المقترح ، لهو أكثر ثباتاً نفسياً و مسؤولية من شاب في الثلاثين من ابناء "التربية الحديثة جنب ماما" !!
و مجتمع متدين يعرف كيف يحترم المطلقة و لا ينتقص من قدرها و حقوقها ،، لن يواجه مشكلة في أن تتزوج من جديد ،، تماماً كما يعامل المجتمع الغربي "الجيرلفريند" ،، و لكن بشروط ديننا من إشهار لذلك الإرتباط أو الانفصال ، و عدة شرعية لحفظ الأنساب .


- على أن تنشىء مؤسسة ذات موارد ضخمة لتيسير الزواج ،، تقوم بتمويل نفقات الزواج " المنطقية "  بقروض في مقابل عمل الزوجين ، أو من فائض الميزانية العامة للدولة إن وجدت ،،
و تعد تلك المؤسسة معسكرات تدريب للمقبلين على الزواج لمدة شهر قبله للذكور و الاناث ، للإعداد الجسدي و النفسي و المعرفي بما يتعلق بأمر الزواج جسداً و خلقاً ، و كذا تربية للأبناء و رعايتهم صحياً و تربوياً 


____________________________

إقرأ أيضاً رؤية للكاتب إقتراح لدستور "دولة العلم" ،، تفصيل عمل السلطات و تنظيم العلاقة بينها في المقال التالي :


نظام حكم جديد "دولة العلم ، بلا مخافة للشرع" كبديل للديموقراطية الفاشلة أو الشمولية الفاسدة


و تفصيل الخلفية السيكلوجية للتصرفات المستغربة من جنود كنت تعتقدهم أشرف أجناد الأرض في :

هل مدنية = لا دينية ؟ ام انها تعني "تحت حكم غير عسكري" ؟؟






هناك تعليقان (2):

  1. اقتراحات ممتازة جدا لبناء الأفراد، وبذا يكون لدينا أمة قوية قادرة على الحياة. إن تبني طرق تربية تنشئ الفرد بحيث يتناسب عمره البيولوجي مع عمره الاجتماعي لهي وسيلة واقية للكثير من ظواهر المجتمع المرضية التي نعيشها حاليا!
    ولكن أختلف معك في مسألة التجنيد الإجباري. أراه أن يكون اختياريًّا عن محض طوع واختيار !

    ردحذف
  2. تصورى للتجنيد في ظل ما اقترحت ذو شقين ،،

    الأول: هو انه اداة أراها لا بديل لها في تكوين الشخصية من شجاعة و تقدير قيمة الجماعة فى مواجهة الفردية و تعلم للتعايش في مجموعات و هو شيء أشبه بالمعسكرات الكشفية أو المدارس العسكرية في الغرب و معظم الدول المتحضرة تربوياً

    الشق الثاني: هو وجوب المشاركة في الجهاد على كل ذكر بالغ مسلم ، و لو اطلعنا على ذنب المتولي يوم الزحف لعرفنا قدر هذا الاثم.

    سيدتي الفاضلة في أمور كثيرة في الحياة لا يترك "للفرد" الخيار من أهمها هذا الأمر و ليس آخرها الضرائب و تأشيرات السفر و الحصول على تأهيل دراسي لمزاولة مهنة ما.

    أشكر لك ثناءك و أتمنى ان أكون أوفيت في تفصيل ردي.

    ردحذف